استراتيجية حل المشكلات وطريقة تطبيقها على المشروعات الرقمية

استراتيجية حل المشكلات
استراتيجية حل المشكلات

كثيرًا ما تكون المشكلات ليست مجرد عوائق أو أزمات نخشاها، بل فرصًا حقيقية للنضج والتطور. فطريقة تعاملنا مع المشكلة، ونظرتنا إليها، هما ما يحددان قدرتنا على تجاوزها بذكاء وفاعلية. وفي سياق المشروعات الرقمية، تصبح مهارة حل المشكلات عنصرًا حاسمًا في بناء مشروع ناجح وقابل للاستمرار. لهذا، سنتناول في هذه المقالة استراتيجية منهجية لحل المشكلات، تساعدك على التفكير بوضوح واتخاذ قرارات مدروسة، خاصة عندما تواجه تحدياتك الأولى في مشروعك الرقمي.

ما هي استراتيجية حل المشكلات؟

ببساطة شديدة، هي النظر إلى المشكلة من بعيد لإمكانية رؤية كافة التفاصيل بحجمها الطبيعي. ثم تحديد طبيعة المشكلة، ومن ثم اختيار المنهجية المناسبة لحلها. وبعدها تأتي خطوة تنفيذ الخطة التي تتضمن هذه المنهجية. تتضمن كل استراتيجية خطوات متعددة ومرتبة ترشدك إلى كيفية حل المشكلة أو التغلب على التحدي الذي تواجهه في مشروعك. 

أهمية استراتيجية حل المشكلات

لا شك أن المنهجية المناسبة لحل المشكلة تضمن لك النجاح في الحل. على عكس العشوائية التي تضيع وقتك وتؤثر في نتيجة مجهودك. فالحلول العشوائية أو ردود الأفعال العاطفية لا تكفي في بيئة تتطلب قرارات دقيقة وسريعة. لذا فإن استراتيجية حل المشكلات تزودك بأداة تفكير منهجية، تساعدك على فهم جذور المشكلة، وتوسيع خيارات الحل، واتخاذ قرارات ذكية تبني عليها خطواتك التالية بثقة. فيما يلي مجموعة من أهم المزايا التي يحصل عليها مشروعك إذا التزمت باستراتيجية حل المشكلات:

إنجاز المهام بسرعة

تتضمن استراتيجية حل المشكلات توقع التحديات المحتملة ووضع خطط للقضاء عليها، الأمر الذي يُمَكِّن أعضاء الفريق من التعامل مع التحديات بسرعة ودون الحاجة لاتخاذ قرارات مرتجلة، مما يحافظ على سير العمل بوتيرة سريعة ويقلل من التأخير.

تحسين جودة المنتجات

تساعد الخطة الواضحة والمنهجية الصحيحة على تقليل معدل الخطأ ورفع نسبة النجاح. ومن ثم استغلال الوقت كما يجب في رفع قيمة الخدمة ومنتج المشروع الرقمي. 

رفع خبرة أفراد الفريق

 عندما يُدرب الفريق على حلول معدة مسبقًا للمشكلات الشائعة والمحتملة. ترتفع خبرتهم وقدرتهم على حل الكثير من المشكلات دون الحاجة للرجوع إلى الإدارة. وهو ما يوفر الوقت ويحسن الكفاءة.

الاهتمام بالمشكلات الصغيرة

تتضمن المنهجية الاهتمام بكل أنواع وأحجام المشكلات. وهو ما يقي من خطر تضخم المشكلات الصغيرة وتحولها إلى عقبات في طريق نجاح المشروع. 

حل المشكلات بخطوات بسيطة

يمثل فهم المشكلة أو التحدي الذي يواجه المشروع أهم خطوة من خطوات استراتيجية الحل. لأن هذا الذي يترتب عليه باقي الخطوات، لذلك يجب بذل مجهود ووقت كافيين لذلك. مثال على فهم التحديات الرقمية بدقة: ضعف الإقبال، مشكلات أمنية، انخفاض الأداء، أو تجربة مستخدم ضعيفة. لكن كيف نحدد المشكلة أو التحدي؟ 

اسأل قبل جمع البيانات! يجب أن نحدد البوصلة التي توجهنا نحو الإجابة؛ ألا وهي السؤال المناسب. وأول سؤال هو: ماذا حدث؟ وليكن الإجابة انخفضت مبيعات المنتجات بمعدل 40%، إذًا هي المشكلة الرئيسية.

بعد ذلك اجمع بيانات ومعلومات دقيقة حول كل شيء مرتبط بالمشكلة، مثال: عدد الزبائن الذين أتموا الشراء، عدد الزبائن الذين وصلوا إلى السلة وتوقفوا، عدد الزبائن الذين تصفحوا  العروض أو المنتجات، أنواع المنتجات التي حصلت على مبيعات أكبر، أنواع المنتجات التي حصلت على مبيعات أقل.

بعد ذلك نجمع معلومات واضحة حول السوق وسلوك الجمهور والمنافسين لهذا الشهر بالتحديد. مثل فحص واجهة المستخدم والجانب التقني للمتجر، إرسال استبيان للعملاء وجمع تجاربهم. كل هذه معلومات يجب أن تجمعها في هذه الخطوة. وأخيرًا، تأتي خطوة تحليل البيانات بعد جمعها، والنظر فيها من كل الزوايا وعمل عصف ذهني بالتعاون مع الفريق لاستخراج سبب المشكلة. 

رسم مخطط للمشكلة

إنشاء خرائط ذهنية أو مخططات توضح العلاقة بين أسباب المشكلات وتأثيرها في المشروع الرقمي. هذه النقطة تلخص كل ما فعلته في أول لنقطة، وذلك الملخص لكي يرتب لك ذهنك ويمنع أي معلومة من الضياع ويضع كل المشهد أمام عينيك.

تقسيم المشكلة إلى أجزاء أصغر

يساهم المخطط السابق في عمل هيكل وتسلسل للمشكلة، ومن ثم يسهل علينا تجزئة المشكلة إلى مشاكل أصغر. فمشكلة ضعف المبيعات يمكن أن تنتج بسبب عدة مشاكل أخرى أصغر، وليكن خطأ تقني يمنع بعض الأجهزة الذكية من إتمام الشراء، تحديث في صلاحيات وسيلة الدفع وتعطيل وسيلة تناسب البعض، حدث تعويم مثلًا وتدهورت حالة بعض الناس اقتصاديًا، وغيرها. فيجب علينا في هذه الخطوة أن نضع دائرة حمراء حول كل سبب ونجزأ السبب لأسباب مصغرة لكي يسهل علينا الحل ويضمن لنا نجاحه. 

وضع قائمة بالحلول الممكنة 

تعتمد هذه الخطوة على العنصر البشري اعتماد كبير، فبعد بروز الأسباب، تأتي أهمية استخراج كل الحلول التي يمكن أن تساهل ولو بنسبة بسيطة في حل المشكلة. مثال على الحلول: إتاحة خيارات مختلفة للدفع، إتاحة التقسيط (لو أن هناك مشكلة اقتصادية)، عمل عروض مغرية، تحسين تصميم الواجهة لتشجع الناس على التصفح، تعزيز الحملات التسويقية، تحديث البنية التحتية التقنية.

مقارنة البدائل (Comparing solutions)

تحليل مزايا وعيوب كل حل بناءً على التكلفة والوقت والأثر المتوقع، ومدى توافقه مع المشكلة وأهداف المشروع.

البدء بالحل الأسهل أولًا

تنفيذ الحلول التي تتطلب مجهودًا أقل وتحدث أثرًا أسرع. مثل تحسين سرعة تحميل الصفحات قبل إعادة تصميم الواجهة.

استخدام التفكير العكسي (Working backwards)

البدء بتصور نجاح الحل النهائي (مثلًا: ارتفاع ولاء العملاء) والعمل عكسيًا لمعرفة الخطوات المطلوبة لتحقيقه.

البحث عن المشكلات المتكررة

ملاحظة المشكلات المتكررة (مثل: فشل تسجيل الدخول، تكرار الأعطال عند إطلاق ميزات جديدة) وإعطاؤها أهمية أكبر واختيار حل أقوى لحلها من جذورها.

استشارة الآخرين

طلب آراء خبراء في تصميم واجهات المستخدم UX ولا سيما في نوع مشروعي (مثال: في واجهات المتاجر الإلكترونية)، ومختصي الأمن السيبراني (لو أن هناك اختراق مثلًا)، أو فرق التسويق الرقمي لإيجاد حلول أكثر دقة. ويمكنك الاستعانة بالخبراء في مختلف المجالات عبر موقع خمسات.

تجربة أكثر من حل

 تنفيذ اختبارات A/B في المنصات الرقمية للمشروع (المواقع أو التطبيقات أو صفحات التواصل الاجتماعي) لمقارنة فعالية أكثر من حل في نفس الوقت.

تحليل النتائج

استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs لتقييم مدى نجاح كل حل (مثل: زيادة معدلات التحميل، انخفاض معدل الارتداد).

التكيف مع التغييرات

إعادة ضبط استراتيجية المشروع بناءً على التغييرات التي حدثت بعد اكتشاف المشكلة وتنفيذ الحلول استنادًا إلى النتائج الفعلية: قد تضطر الفرق إلى تعديل خططها مع تغير ظروف السوق أو حالة المشروع أو أدواته.

توثيق الحلول والتجارب

كتابة تقارير تفصيلية عن المشكلات والحلول المعتمدة لدعم المشروعات الرقمية المستقبلية وتسهيل التدريب الداخلي لرفع كفاءة حل المشكلات فيما بعد وتقليل التحديات المحتملة.

أخيرًا، أحب أن أذكرك ألا تخاف من المشكلات أو التحديات، فيجب أن تنظر لها على أنها فرصتك لزيادة الخبرة ونموك شخصيًا ومهنيًا، فقط عليك أن تعد لها نفسك وفريقك وترفع وعيك وثقافتك طوال الوقت.