واجهت مشكلة في فريق تحسين محركات بحث كنت أديره في إحدى المدونات المتخصصة في النشر عن صناعة المحتوى. حينما اتصل بي المدير التنفيذي وعبر عن رغبته في عقد اجتماع فردي مع. وذلك كي نناقش بعض المشكلات التي يمر بها الفريق. وفور استجابتي لطلبه صارحني أن فريقي ليس بخير؛ وكانت المشكلة الأساسية هي انخفاض الإنتاجية. الآن دعوني أخبركم كيف عالجت هذه المشكلة من واقع تجربتي العملية!
تحليل الوضع الراهن في الفريق
قبل اقتراح أي حلول لرفع الإنتاجية، بدأت أولًا برصد أبعاد المشكلة وحجمها. كانت المشكلة هي تأخر في تحقيق أهداف استراتيجية تحسين محركات البحث الخاصة بالمدونة، من عدد زيارات شهرية ونقرات ومقالات متصدرة، كما كان هناك تأخر في النتائج والأرقام. وتعتبر هذه الخطوة نقطة الانطلاق والقياس أيضًا. فمن عندها يبدأ تحديد الحلول، وعند إتمام الحلول نقيس مستوى التطور بالنسبة لها أيضًا. ولكي أتمكن من تحليل الوضع الحالي، لكي أحدد أبعاد المشكلة بالضبط، سألت نفسي الأسئلة التالية:
- ما هي أهدافنا للعام الماضي؟ هل حققنا هذه الأهداف؟
- ما هي أهدافنا للعام الحالي؟ وما هي أهداف الربع الماضي من السنة الحالية؟ أو الشهر الماضي من الربع الحالي؟ هل حققنا هذه الأهداف؟ ما نسبة التحقيق وكذلك نسبة الإخفاق؟
- من هم الأشخاص الذين انخفضت إنتاجيتهم؟
تحديد أسباب انخفاض الإنتاجية
بعد تجميع البيانات حول الوضع الراهن، يأتي الجزء الأهم، وهو العصف الذهني لتجميع كل الأسباب التي أثرت لأي درجة في إيجاد المشكلة، وحددت الأسباب بالطرق التالية:
- عقدت اجتماع مع الفريق وأعطيت كل فرد منهم الفرصة للتحدث عن مشاكله في الفريق وخارج الفريق التي أدت بشكل أو بآخر إلى انخفاض إنتاجيته.
- أرسلت استمارة استبيانية للفريق لكي أجمع بيانات مكتوبة أدق حول الأسباب والآراء واقتراحات للتحسين دون إجبارهم على كشف هويتهم في الاستبيانات لكي يقدموا كل المعلومات بأريحية وخصوصية تامة.
بعد ذلك جمعت البيانات التي حصلت عليها من الاستمارة. وبدأت في تحليلها لمعرفة التحديات التي يواجهها الفريق، ومقترحاتهم لمواجتها.
بهذه الطريقة عرفت التحديات التي يواجهها فريقي، ثم عقدت جلسة عصف ذهني مع المدير التنفيذي نفكر فيها معًا في مشاكل المشروع التي تسببت في المشكلة. وجمعت أيضًا اقتراحات للحلول وكتبتها لكي أعود إليها فيما بعد. ولفت المدير نظري إلى نقطة مهمة، وهي أن بعض الأشخاص لا يفضلون بعض المهام التي توكل إليهم. الأمر الذي دفعني لسؤالهم عن المهام التي يفضلونها والتي لا يفضلونها، لكي أعيد تنظيم الأدوار والمسميات الوظيفية بناءً على ردهم.
كانت أبرز التحديات التي ذكرها فريقي تتمحور حول قلة التدريب وضعف التواصل بين الإدارة وأعضاء الفريق. كما ذكر البعض أيضًا تعليقات سلبية على طريقة إدارتي من ناحية ضعف التحفيز والمتابعة وإمداد الفريق بالملاحظات والتعليقات الإيجابية أو حتى السلبية على المهام المُنجزة.
التفكير في الإنتاجية من أعلى إلى أسفل
بدلًا من البحث في إنتاجية الموظفين أولًا، بدأت بالمديرين والمشرفين، وطرحتهم للتحليل والفحص، لأنهم العامل الأول ذو الأثر الأكبر في أداء باقي الموظفين الذين هم تحت إدارتهم، لذلك طلبت من أفراد الفريق في الاستبيان تقييمي وذكر كل السلبيات قبل الإيجابيات في إدارتي لهم، لكي أبدأ بنفسي.
واعلم عزيزي المثابر أن مهما تميز واجتهد الموظف وبلغت خبرته أعلى الدرجات. لن يتمكن من الإنتاج في فريق لا يعرف مديره كيف يعمل، ولا كيف يضع النظام المناسب لإدارة فريقه، ولا كيف يراجع ويدقق ويعطي الملاحظات والتوجيهات.
وضع خطة عمل لزيادة الإنتاجية
وضعت خطة عمل تركز على حل السلبيات ومواجهة أي تحديات يواجهها الفريق. تركز الخطة أولًا على تحفيز الفريق وتشجيعه بصورة مستمرة. مهما كانت المهام المنجزة بسيطة، يجب أن أُقابلها بالتحفيز القوي لتعزيز الروح المعنوية للفريق وتشجيعه على زيادة الإنتاجية. بعد ذلك نظمت قنوات تواصل بين أعضاء الفريق لخلق مجتمع تفاعلي.
أخيرًا، وضعت خطة تدريب شاملة ودورية لتطوير مهارات الفريق حتى نتأكد من جاهزيته لأداء أي مهام توكل إليهم في سياق تخصصه. وتضمنت الخطة ورش شهرية للمتابعة الدورية والاطمئنان على مستوى الفريق.
جدول للمتابعة الشهرية
حددت موعدًا ثابتًا لاجتماع أسبوعي مدته ساعة ونصف. في هذا الاجتماع نناقش المنجزات ونؤكد على مهام كل عضو من أعضاء الفريق. هذه الاجتماعات الدورية ضرورية لمتابعة العمل والتأكد من سير العجلة الإنتاجية دون انقطاع. كما تُعد فرصة لزيادة الترابط بين أعضاء الفريق والمدير.
نصائح لزيادة إنتاجية الفريق
بعد طرح خطوات تحسين إنتاجية الموظفين بخطة واقعية مجربة، إليكم نصائح عامة لزيادة الإنتاجية في العمل:
الاهتمام بصحة الموظفين النفسية
الجانب النفسي له أثر قوي جدًا على إنتاجية الفريق. لذا احرص على دعم أي موظف يمر بظروف سيئة أو يعاني من مشاكل تحول بينه وبين العمل براحة ونشاط.
التقدير المادي والمعنوي للموظفين
استمر في تشجيع الفريق على العمل بهمة وحماس. يظن بعض المديرين أن التوبيخ وقلة الإطراء يشجع الموظف على بذل المزيد من الجهود. وهو أمر غير صحيح بالمرة، ويغفلون تمامًا عن التأثير السلبي لقلة الدعم والتقدير والذي يصلهم أحيانًا لترك العمل هربًا من هذه البيئة السامة.
الاجتماعات
عقد اجتماعات فردية أو جماعية بانتظام مع الموظفين لمراجعة ومتابعة شؤونهم وانسجامهم مع نظام سير العمل في الشركة.
استثمر في موظفيك
استثمر في الموظفين الذين يستحقون، فكما تنفق الأموال على الأدوات والتقنيات اللازمة (وهو أمر ضروري جدًا) يجب أن تنفق أيضًا على تدريب ورفع كفاءة موظفيك الذين ترى فيهم مستقبل باهر، وسوف يعود بالنفع على مؤسستك بلا شك.
متابعة استلام المهام
تأكد من استلام الموظف للمهمة وقبوله لها بعد أن فوضتها له، لكي يتحمل مسؤولية تنفيذها ولا تضيع بين المهام.
راقب تفاعل الموظفين ومعنوياتهم
في العمل بانتظام، وذلك بطرق عدة أسهلها إجراء استبيانات للرأي. أحد الأدوات الشهيرة للاستطلاع هو استطلاع Gallup الشهير "Q12"، والذي يُجرى كل ثلاثة أشهر. يطرح هذا الاستطلاع سلسلة من الأسئلة القصيرة حول تجربة الموظف، ما يمنحك صورة واضحة عن قضايا مثل:
- العلاقات بين الزملاء
- فرص النمو والتقدم في الفِرق
- وضوح التوقعات بين الموظفين
- مستوى التقدير والتحفيز
المرونة في ساعات العمل
لم تعد الوظيفة ذات الدوام الكامل من 9 إلى 5 شرطًا أساسيًا لضمان الإنتاجية المرتفعة، فكم من موظفين يعملون بهذا النظام وهم أصنام جالسة على مكاتبهم بلا أي أثر يذكر. الأهم هو وجود قوانين ونظام عمل يحكم الموظف تحت أي سقف وفي أي وقت، الأساسي والضروري هو أن أتمكن من متابعة موظفيي والإشراف عليهم لينفذوا المهام المطلوبة في الوقت المحدد دون الاهتمام بعدد الساعات التي جلس فيها على مكتبة بلا حركة!
الحد من الاجتماعات التي لا داعي لها
كم من مديرين كانوا سببًا في تعطيل الموظفين عن عملهم بسبب كثرة الاجتماعات دون أي داعي. ركز فقط على الاجتماعات المثمرة في مواعيد محددة واترك الوقت الأكبر للعمل!
بناء مجتمع داخلي
البيئة الاجتماعية المثمرة بين الموظفين تعزز العلاقة الودية بينهم. فبناء أصدقاء في العمل داعمين ومشجعين من أهم الطرق التي تربطهم بالعمل. كما أنها تخلق مناخًا لتبادل الخبرات وتطوير المزيد من المهارات التي ترفع الإنتاجية.
امنح موظفيك الثقة
توقف عن الرقابة المفرطة وامنح موظفيك الثقة لإدارة مهامهم بأنفسهم، فيجب أن توازن بين المتابعة والدعم دون التدخّل في كل التفاصيل، فذلك يعزز الاستقلالية والإنتاجية.
تذكر دائمًا أن الإنتاجية تبدأ حين يشعر كل فرد في الفريق أنه جزء أصيل من الصورة الكبرى، لا ترس صغير في ماكينة بلا روح. اقترب من فريقك وكن قائدًا، فهناك فرق شاسع بين القيادة والإدارة!