التسويق الاستراتيجي: صمم خارطة طريق لنجاح أعمالك

التسويق الاستراتيجي
التسويق الاستراتيجي

في ديسمبر عام 2023، فوجئ زائرو مطار جدة بمجموعة من الحراس المُقنّعين يرتدون ملابس حمراء موحّدة، ويحملون صناديق غامضة عليها رسومات لأجزاء دمية ضخمة، هذه الفعالية كانت جزءًا من حملة تسويقية مبتكرة، هدفها إثارة حماس الجمهور والإعلان عن الموسم الثاني من مسلسل «لعبة الحبار» الذي طال انتظاره. 

كانت هذه الحملة التسويقية ضمن جزءًا من أكبر خطط التسويق الاستراتيجي عالميًا. حيث تم تنظيم فعاليات وتجارب واقعية تحاكي الألعاب الشهيرة في المسلسل في مختلف أنحاء العالم.

أحدثت هذه الحملة ضجةً هائلةً حول المسلسل، حتى قبل عرضه الرسمي. بل أنه حصل على ترشيح لجائزة أفضل مسلسل تلفزيوني درامي، قبل بثه أصلًا! 

لكن هل التسويق الاستراتيجي حكرًا على الشركات الكبرى؟ بالطبع لا عزيزي المُثابر، يُمكنك صياغة خطة تسويق إستراتيجية لأعمالك عبر الإنترنت، بل ويُمكنك أيضًا اتباع هذا النهج لتسويق هويتك الشخصية. في هذه المقالة، سنتعلم معًا كيفية تنفيذ التسويق الاستراتيجي من خلال رسم خريطة طريق تنطلق بأعمالك الرقمية نحو النجاح.

ما هو التسويق الإستراتيجي؟

التسويق الاستراتيجي هو عملية شاملة تهدف إلى تحديد الأهداف التي ترغب بتحقيقها وصياغة خطة تسويقية مدروسة تلبي هذه الأهداف. ولابد أن تكون هذه الأهداف واضحة وقابلة للقياس، من خلال مؤشرات الأداء التي ناقشناها في مقالة التسويق الرقمي. 

يساعد التسويق الاستراتيجي على وضع خطة واضحة ومُحددة لتحقيق الأهداف المطلوبة، ما يضمن استثمار ميزانية التسويق بشكل فعّال ومركّز بدلاً من التشتت بين أنشطة التسويق المتنوعة. ولذا يُمثل التسويق الإستراتيجي خريطة طريق واضحة نحو الأهداف التي ترغب بتحقيقها.

خطوة بخطوة..ابدأ الآن بالتسويق الاستراتيجي

لتكون تلك الخريطة فعّالة، فلا بد أن تضم جميع المراحل التي تجعلها مرجعًا مفصلًا لحملتك التسويقية. تبدأ هذه المراحل بتحليل السوق وفهم الجمهور المستهدف، ثم الانتقال إلى تحديد الأهداف ووضع الميزانية، وصولًا إلى تنفيذ الحملة وتقييم أدائها.

وفي رأيي فإن القاعدة الذهبية لتحضير خطة تسويق استراتيجي ناجحة هي أن تكون كل مرحلة مرتبطة بالأخرى، وأن يكون هناك منطق أو فكرة وراء كل خطوة أو قرار، وأن تبعتد عن العشوائية قدر المستطاع.

فيما يلي نظرة تفصيلية لكل مرحلة من مراحل التسويق الاستراتيجي وما يضمه من محتويات:

هويتك تتحدث عنك

عند إعداد خطة تسويق إستراتيجية لأول مرة، ستحتاج إلى تكوين هوية علامتك التجارية. بدايةً من اختيار اسم الشركة، مع تحديد السبب وراء اختيار ذلك الاسم، مرورًا بتصميم الشعار واختيار الألوان التي تعكس طبيعة مشروعك وتوجهاته. 

ولا تنس أن طريقة عرض الهوية إلى جمهورك أمر ضروري جدًا لنجاح أي عمل على الإنترنت. لذلك احرص على إنشاء موقع تعريفي لمشروعك الرقمي (أو لك شخصيًا إذا كنت أنت العلامة التجارية) حتى تظهر لجمهورك بشكل احترافي. ويُمكنك الاعتماد على موقع سنديان في هذه المهمة.

سنديان هو منشئ مواقع بالسحب والإفلات، يجعلك قادرًا على بناء وتخصيص المواقع بسهولة، ودون كتابة أي أكواد برمجية. ويحتوي سنديان على أكثر من 70 قالبًا في مختلف المجالات والتخصصات. ويُمكنك تخصيص هذه القوالب بمرونة بما يتوافق مع هوية علامتك التجارية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتطرق إلى الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي تُشكل هوية علامتك التجارية:

  • من نحن؟ - Who we are
  • ما الذي نُمثله؟ - What we stand for
  • ما القيم التي نؤمن بها؟ - Our Values
  • ما هي مهمتنا؟ - Our Mission
  • أين نريد أن نكون في المستقبل؟ - Our Vision

وبعد الإجابة على هذه الأسئلة، سيتكون عندك ملف تعريفي شامل لعلامتك التجارية، وهو ما يُعرف في عالم الأعمال باسم ملف تعريف الشركة Company Profile.

💡تعريف Company Profile: ملف تعريف الشركة: هو بمثابة وثيقة تسلط الضوء على أهداف الشركة، ورؤيتها، وقيمها، ومنتجاتها أو خدماتها. هذا الملف يُعد أداة فعالة في تقديم شركتك للعملاء المحتملين أو الشركاء، وهو جزء من خطة التسويق الإستراتيجي.

تمهل..ادرس..وحلل!

بعد أن استطعت تحديد هوية مشروعك، تأتي مرحلة تحليل السوق وتحديد حجمه واتجاهاته الرئيسية والفرص المتاحة، بالإضافة إلى تحليل المنافسين لمعرفة نقاط قوتهم وضعفهم وحتى الإطلاع على استراتيجياتهم التسويقية. 

إلى جانب ذلك، يتم التركيز على دراسة الجمهور المستهدف من خلال تقسيمه إلى شرائح بناءً على خصائصه الديموغرافية واهتماماته واحتياجاته. الهدف من هذه المرحلة هو ضمان أن الرسائل التسويقية تصل إلى الجمهور المناسب الذي يستطيع أن يتفاعل معها ويشعر أنها تصفه وتعبر عن احتياجاته.

على سبيل المثال، إذا كنت تُدير متجرًا للألعاب الرقمية في السعودية، فإن منافسيك الأساسيين قد يكونون أمازون السعودية ومكتبة جرير. لذلك، ستحتاج إلى مراقبة استراتيجية التسويق لديهم عبر الإطلاع على صفحاتهم للتواصل الاجتماعي. ستتمكن بعد ذلك من توقع الصورة الذهنية التي يحرصون على رسمها، بالإضافة إلى تحديد نقاط قوتهم مثل سرعة التوصيل، أو نقاط الضعف مثل خدمة ما بعد البيع.

أما بالنسبة لجمهورك المستهدف، فهم غالبًا من ذكور تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عامًا، والذين يهتمون بالألعاب الجديدة وأحدث المنتجات مثل «بلايستيشن 5». هذا الجمهور يحتاج إلى عروض وخصومات مغرية تتيح له شراء أكثر من لعبة، خاصةً مع ارتفاع أسعار الألعاب الرقمية. من خلال فهم هذه الجوانب، يمكنك توجيه جهودك لتلبية توقعاتهم وبالتالي كسبهم.

حدد أهدافك بذكاء

بناءً على نتائج الدراسة، تأتي مرحلة وضع الأهداف الذكية، هذا النهج يضمن وضوح الرؤية ويوفر معايير دقيقة لقياس الأداء مثل معدلات المبيعات أو عدد العملاء الجدد أو مستويات التفاعل على المنصات الرقمية. هذه الأهداف توجه جميع الأنشطة التسويقية نحو تحقيق نتائج ملموسة وفعّالة.

💡تعريف الأهداف الذكية: يُقصد بالأهداف الذكية (SMART Goals) أن تكون مُحددة (Specific)، قابلة للقياس (Measurable)، قابلة للتحقيق (Achievable)، ذات صلة (Relevant)، ومحددة بوقت زمني (Time-bound).

مثال عن هدف ذكي يمكن تحقيقه: زيادة عدد متابعي المشروع على إنستقرام بمقدار 5000 متابع خلال ثلاثة أشهر باستخدام الإعلانات الموجهة، والتعاون مع المؤثرين، وإنشاء محتوى جذاب وعالي الجودة.

لكل مقامٍ مقال

بعد تحديد الأهداف التسويقية، تأتي خطوة وضع الميزانية وتوزيعها بشكل مدروس على القنوات التسويقية المختلفة. تعتمد هذه العملية على طبيعة المنتج والجمهور المستهدف، إذ تتفاوت القنوات الأكثر فاعلية بناءً على العادات والتفضيلات المحلية أو الديموغرافية للجمهور. 

إذا كنت تستهدف السوق السعودي على سبيل المثال، فمن المنطقي أن تركز على منصة «سناب شات»؛ نظرًا لانتشارها الكبير هناك. أما إذا كنت تستهدف السوق المصري، فإن «فيسبوك» يعتبر القناة الأكثر تأثيرًا لجذب الجمهور.

وعند إعداد الميزانية، ابدأ بتحديد أولويات الإنفاق بناءً على القنوات التي أثبتت فعاليتها في استهداف جمهورك. يجب أن تغطي الميزانية ما يلي:

  • تكلفة الإعلانات.
  • التكاليف التشغيلية مثل إنتاج المحتوى أو تصميم الحملات.
  • النفقات غير المتوقعة لضمان المرونة.

تذكر أن الهدف الأساسي هو تحقيق أقصى عائد على الاستثمار من خلال اختيار القنوات التي تحقق التأثير الأكبر بما يتناسب مع الميزانية المتاحة.

نبرة صوتك تميزك!

هل تخاطب رجال الأعمال والمستثمرين، أم تخاطب ربات المنزل المهتمات بوصفات الطعام الشهية؟ بالتأكيد لن تستخدم نفس النبرة أو اﻷسلوب لكلا الفئتين. تلعب نبرة صوت العلامة التجارية دورًا محوريًا في بناء هويتها وربطها بجمهورها المستهدف. يجب أن يشعر الجمهور دائمًا أنك تخاطبه!

في حالة رجالة الأعمال ستحتاج إلى استخدام نبرة رسمية واحترافية تعكس الثقة والخبرة. بينما إذا كنت تخاطب ربات المنازل، فإن نبرة صوتك ستحتاج إلى أن تكون ودودة، بسيطة، ومفعمة بالحيوية. تحديد نبرة الصوت يتطلب فهمًا عميقًا لعملائك وأسلوب حياتهم واحتياجاتهم. فهي ليست مجرد كلمات تقال، بل هي الطريقة التي تجعل الجمهور يشعر أن علامتك تتحدث مباشرة إليه، مما يعزز الارتباط العاطفي والثقة بينكما.

إليك بعض النبرات التي ينتشر استخدامها بين العلامات التجارية:

  • النبرة الرسمية - Formal:
    • الوصف: تستخدم عند مخاطبة جمهور مهني، مثل الشركات أو الهيئات الحكومية، لتعكس الجدية والاحترافية.
    • مثال: «تعرف على أحدث الحلول الرقمية لميكنة مشروعك بالكامل».
  • النبرة الودودة - Friendly:
    • الوصف: تركز على البساطة والتواصل القريب، وتُستخدم لإظهار العلامة التجارية كصديق موثوق.
    • مثال:  «لأن كل وجبة أحلى لما تكون على طريقتك»!
  • النبرة الملهمة - Inspiring:
    • الوصف: تحفز الجمهور وتشجعهم على الإنجاز، وتُستخدم غالبًا في العلامات الرياضية أو التعليمية.
    • مثال: «خطوتك القادمة تبدأ من هنا، اصنع مستقبلك معنا».

وإذا أردنا تطبيق أحد هذه النبرات على مشروع متجر الألعاب الذي ضربناه كمثال سابقًا، فإن النبرة الودودة ستكون الإختيار الأمثل لمخاطبة جمهورك.

الآن..حان وقت الانطلاق

كتابة وتصميم المحتوى الإعلاني هما الجوهر الذي يتفاعل معه الجمهور بشكل مباشر، ولهذا يجب أن يكون المحتوى جذابًا ومؤثرًا. يعتمد تحقيق ذلك على مدى فهمك للجمهور المستهدف، حيث يتطلب الأمر معرفة اهتماماتهم ودوافعهم، وبالتالي صياغة رسالة تلامس احتياجاتهم وتطلعاتهم. يتم تصميم المحتوى بطريقة تثير الفضول وتبرز الفوائد الملموسة التي يقدمها المنتج أو الخدمة.

يمكن أن يتنوع المحتوى بين فيديو قصير يعزز الإحساس بالحماس أو يثير الدوبامين على منصات مثل «تيك توك» و«إنستغرام»، وبين مقال متعمق يقدم تفاصيل مهمة على مدونة إلكترونية. المهم هو أن يتناسب شكل وطريقة تقديم المحتوى مع القناة والجمهور. 

على سبيل المثال، في هذا المقال نركز على الشرح المفصل لجذب المثابرين والطموحين الذين يرغبون في تطوير مهاراتهم! 😁

أثناء كتابتك لخطتك الاستراتيجية، من المهم أن تقوم بتحضير ما يسمى «عواميد المحتوى» أو (Content Pillars) والتي تتمثل في تحديد الموضوعات التي يمكن أن تتحدث عنها علامتك التجارية. يساعدك ذلك على فهم توجهك بشكل أفضل، وينظم أفكارك فيما يتناسب مع الهوية والأهداف التي حددناها في الخطوات السابقة.

بالنسبة لمتجر الألعاب، قد تكون مواضيع المحتوى فيه كالآتي:

  • آخر الأخبار في مجال التقنية. 
  • ترشيحات لألعاب أسبوعية.
  • شرح الفرق بين الأجهزة المختلفة.
  • مراجعة المنتجات الجديدة.
  • القيام بمسابقات لزيادة التفاعل.

تابع أداء حملتك

الخطوة الأخيرة هي متابعة أداء الحملة بشكل مستمر باستخدام أدوات تحليل البيانات لتقييم مدى تحقيق الأهداف المحددة مسبقًا. تتيح هذه المرحلة إجراء تعديلات على الخطة التسويقية بناءً على النتائج الفعلية، مثل تحسين المحتوى أو التركيز على قنوات تسويقية أكثر فاعلية، لضمان تحقيق أفضل النتائج الممكنة. 

يمكن استخدام أدوات تحليل البيانات مثل Google Analytics أو Meta Ads Manager، أو حتى أدوات مخصصة لمنصات التواصل الاجتماعي لتقييم أداء الحملة بدقة. هذه الأدوات تساعدك على تتبع مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) التي تحدثنا عنها في أساسيات التسويق الرقمي.

التقييم المستمر يتيح لك تحديد نقاط القوة والضعف في خطتك التسويقية، ثم إجراء التعديلات الضرورية مثل تحسين المحتوى. إليك بعض الاحتمالات التي قد تلاحظها:

  • تحسين المحتوى: إذا لاحظت أن المنشورات ذات الفيديوهات تحقق تفاعلًا أعلى من الصور، يمكنك التركيز أكثر على إنتاج الفيديوهات.
  • إعادة توزيع الميزانية: إذا كانت إحدى القنوات التسويقية لا تؤدي المطلوب، يمكن تقليل الإنفاق عليها وزيادة الميزانية للقنوات الأكثر فاعلية.
  • استهداف الجمهور بشكل أفضل: إذا اكتشفت أن جمهورًا معينًا يستجيب بشكل أفضل لرسائلك، يمكنك تحسين استراتيجيات استهداف هذا الجمهور.
  • تعديل التوقيت: قد يكون توقيت الحملة أحد أسباب الأداء المتواضع. من خلال البيانات، يمكنك معرفة الأوقات التي يتفاعل فيها جمهورك بشكل أكبر.

الآن عزيزي المثابر، ليس عليك سوى البدء! فقد تعلمت كل ما تحتاج معرفته عن التسويق الاستراتيجي. وأنصحك باستخدام إحدى أدوات إدارة المشاريع لتنفيذ الخطط التسويقية بطريقة احترافية. فعلى سبيل المثال، يمكنك استخدام أنا التي توفر مجموعة من القوالب المناسبة لمختلف أنشطة التسويق.

التسويق الاستراتيجي هو الأداة الذهبية التي تمنح الشركات تفوقًا ملموسًا. من تكوين هوية تجذب الانتباه إلى تنفيذ حملات تصل إلى الجمهور المناسب في الوقت المناسب، كل خطوة تلعب دورًا محوريًا في نجاح مشروعك، واهتمامك بالتفاصيل هو ما يصنع الفارق!