صدرت العديد من المواقع الإلكترونية بصفحاتها على محركات البحث متبعة منهج مبادئ تحسين محركات البحث الذي انتشر في السنوات الأخيرة. والذي اعتمد على حشو الكلمات المفتاحية والروابط الداخلية، دون النظر إلى معايير جودة المحتوى أو نية بحث المستخدم الحقيقية.
لكن بمرور السنوات، تطورت محركات البحث وزاد فهمها للمستخدم. واستطاعت بسهولة أن تميز بين المواقع التي تقدم قيمة حقيقية والمواقع التي تدعي ذلك. وحينها حدثت الكارثة! سقطت نتائج المواقع التي اعتمدت على الاتجاهات القديمة بعد أن تألقت وتصدرت محركات البحث لسنوات!
أحدثكم اليوم عن آخر اتجاهات ومبادئ تحسين محركات البحث SEO في عام 2025. بعد سنوات من الخبرة في هذا المجال نظريًا وعمليًا.
تحسين محركات البحث بين الماضي والحاضر
تطورت خوارزميات محرك البحث جوجل على مدار السنوات الماضية وحتى مارس 2025. فقد اعتمدت مبادئ تحسين محركات البحث قديمًا على وجود الكلمات المفتاحية ومرادفاتها والكلمات المفتاحية المرتبطة في المحتوى بكثرة. فكلما زاد عدد الكلمات زادت فرصة الصفحة في التصدر.
ذلك إضافةً إلى ضرورة بناء الروابط الخارجية لرفع سلطة الصفحة والموقع ومن ثم زيادة موثوقتيهم وفرصتهم للتصدر. حتى لو كلفنا الأمر ربط صفحاتنا بمنتديات لا علاقة لها بمجالنا أو تخلو من أي مهنية أو مصداقية. كل ما همنا آنذاك هو أن ندخر المزيد والمزيد من الروابط بطرق مشروعة أو حتى غير مشروعة! لكن الآن، كيف تطور السيو في عصر السرعة والذكاء الاصطناعي؟
البحث في عقل المستخدم
بعد مراحلها المتتالية لتطوير قدرتها على استيعاب نية المستخدم، واصلت محركات البحث سعيها بطرق أدق واتجهت إلى الذكاء الاصطناعي منذ عام 2015 بنظام رانك برين RankBrain. والذي اعتمد على استخدام تعلم الآلة في فهم جملة البحث كاملة وتصور السياق. وبدلًا من البحث عن صفحات بها نفس الكلمات حرفيًا. حاول فهم رغبة المستخدم لكي يجلب له النتيجة المناسبة حتى وإن خلت من الكلمات المفتاحية. وحاول أيضًا أن يراقب سلوك المستخدم وتفاعله مع النتائج، لكي يتأكد من موافقة النتيجة لنيته بعد استعراضها أم لا.
على سبيل المثال، بحث أحد المستخدمين عن «أفضل لاب توب مستعمل لطلاب حاسبات ومعلومات». قبل هذا النظام كان يركز محرك البحث على جلب نتائج تحتوي على كلمات لاب توب، وطلاب، وحاسبات ومعلومات، ومستعمل، دون ربط السياق لفهم طلب المستخدم. بعد ذلك التحديث حاول النظام فهم الجملة كاملة وفهم من السياق أن الباحث يبحث عن ترشيح لأفضل لاب توب يناسب فئة معينة، فجلب له مواقع تجارة إلكترونية تبيع لاب توبات بإمكانيات عالية (لأنه فهم أن مجال دراسته يتطلب ذلك).
وفي نفس الوقت أجهزة مستعملة (لأنه فهم أن ميزانيته ليست مرتفعة ليشتري لاب توب قوي جديد). وصدر له أيضًا مقالات تنصح طلاب الحاسبات والمعلومات وتفهمهم بأهم الإمكانيات التي يجب أن تتوفر في حواسيبهم المحمولة. كل هذه النتائج تطابق نية المستخدم وتفيده، وهو ما يسعى إليه محرك البحث، ويواصل سعيه على مر السنين لمزيد من الفهم والتوافق.
تخيل أن جوجل بدأت هذا النهج منذ عام 2015، فكيف سيكون الحال في عام 2025 وسط ثورة الذكاء الاصطناعي ونماذج GPT وجيميناي؟
ولهذا، أصبح من الضروري التركيز على صناعة محتوى مؤثر يُضيف قيمة إلى المستخدم حتى تتمكن محركات البحث وخوارزمياتها الجديدة من ترشيحها في النتائج طبقًا لنية المستخدم في عملية البحث.
التركيز على تجربة المستخدم
لم يكتف محرك البحث بمحاولة فهم نية البحث فقط، بل واصل رحلته لفهم تجربة المستخدم بعد الضغط على رابط الصفحة التي ظهرت له. هل كان التنقل في الموقع سهلًا عليه أم كان معقدًا وغير مفهومًا فخرج متذمرًا؟ هل استمر فترةً طويلة وتنقل من صفحة داخلية إلى أخرى في نفس الموقع فدل ذلك على سهولة بنية الموقع وترابطه وارتباطه بالمزيد من المواضيع والأسئلة التي تدور في ذهن الباحث؟ أم بقى فترة قصيرة وخرج، الأمر الذي يدل على أنه لم يجد ما يبحث عنه؟
باختصار، تطورت رحلة خوارزميات جوجل من اهتمامها بالكلمات المفتاحية الفردية والروابط الخارجية إلى فهم نية المستخدم الحقيقية وجمل البحث الكبيرة وكذلك فهم تجربة المستخدم وتقييم المواقع الإلكترونية على أساسها.
بعد أن فهمنا معايير محركات البحث الجديدة، كان لزامًا علينا أن نعيد توجيه جهودنا من جديد لكي تتماشى مع هذه المعايير، لذلك علينا فهم المبادئ والمعايير الجديدة وكيفية تطبيقها في مواقعنا الإلكترونية لتكون مطابقة وتسير على النهج السليم.
كيف تفهم نية المستخدم؟
أسهل وأفضل طريقة لفهم نية المستخدم هي أن تضع نفسك مكانه. أنا أعلم أهمية الأدوات المساعدة والتي تجلب لك الكلمات المرتبطة باقتراحاتك أو بكلمتك الرئيسية. ولكن لا غنى عن العنصر البشري الذي يتجه وحده نحو محرك البحث بعد أن ارتدى ثوب المستخدم وذهب إلى مستطيل البحث وتخيل ماذا يمكن أن يكتب ليعبر عما يبحث عنه، وبعد أن ينتهي من الكتابة يتصفح النتائج التي ظهرت له ويتأكد لمطابقتها لما يبحث عنه.
وأنصح أيضًا بفحص صندوق أسئلة الناس (People also asked) الذي يظهر بعد أول أو ثاني نتيجة، لكي تفهم أكثر كيف يبحث الناس وبم يهتموا في هذا الموضوع ويجتهد في الإجابة على أسئلتهم، وهذا الأمر، عن تجربة، له أثر كبير في أداء الصفحة وتصدرها في محرك البحث.
ماذا تفعل بعد أن تفهم نية المستخدم؟
- سجل جمل البحث (Search queries) بالطريقة التي يكتبها المستخدم وحاول أن تستخدمها في مقالك استخدامًا طبيعيًا لا حشو فيه أو مبالغة لا فائدة منها.
- سجل أسئلة الناس حول الموضوع لكي تجتهد في الإجابة عنها في مقالك داخل السياق المناسب.
- بعد أن عرفت المستخدم وفهمت جمهورك المستهدف، اعرف ما هو نوع وأسلوب المحتوى الذي يفهمه واكتب محتواك فيما يتوافق مع ذلك.
- اجعل محتواك سلسًا ومفهومًا ومباشرًا بلا ركاكة أو حشو.
- ادعم كلامك بالصور التوضيحية والتجارب الحقيقية.
- ابتعد عن الكذب والتضليل واتسم بالمصداقية لكي تكسب جمهورك.
- ادعم معلوماتك بالمصادر الموثوقة التي استخدمتها.
- اربط صفحتك بغيرها من الصفحات الداخلية (داخل موقعك) والتي ترتبط بنفس الموضوع للمزيد من المعرفة.
تحسين تجربة المستخدم UX
تعتمد تجربة المستخدم على بيانات حقيقية وأرقام وليس مجرد إحساس أو توقع، فمن أهم الطرق التي تفهم بها سلوك المستخدم هي أدوات السيو، مثل Google Analytics وGoogle Search Console وGoogle Page Speed Insights. هناك أيضًا طريقة أخرى غير الأدوات، وهي أن تسأل الناس مباشرة باستطلاعات الرأي بمختلف طرقها عن تجربتهم: هل واجهوا صعوبة أثناء التصفح أو الشراء مثلًا؟ هل المحتوى مفهوم أم لديك أسئلة؟
كيف تحسن تجربة المستخدم؟
- تحسين سرعة الموقع على الموبايل والكمبيوتر.
- تحسين واجهة المستخدم وعمل تصميم مفهوم وسهل التصفح.
- عمل تصميم يستجيب لكل الشاشات لسهولة التصفح على أي جهاز.
- وضوح زر اتخاذ الإجراء CTA لكي يفهم المستخدم ما المطلوب منه أو ما الذي يحدث عند الضغط عليه.
- رفع جودة الصور واحترافيتها لكي تجذب النظر وتحقق الهدف.
- بناء هيكل واضح ومرتب ومتسلسل للموقع لكي يساعد الزائر في البقاء مدة أطول.
- توفير كافة المعلومات المرتبطة بكل موضوع لكي يفهم جوجل والمستخدم مدى تخصصك وخبرتك في المجال وتكن بالنسبة لهم محل ثقة.
الروابط الخارجية وهوس رفع السلطة!
بنينا موقع وبدأنا في رحلة ال SEO؟ هيا إلى بناء الروابط لرفع سلطة النطاق (domain authority). لحظة لحظة! إلى أين؟! لا تحتاج إلى هذه الرحلة المكلفة الشاقة الآن بهذه الصورة، نحن لا ندخر الروابط لندخل بها سحب! أنت لا تحتاج أن تهتم بالأمر أصلأ! هناك أشياء أهم يجب أن تركز عليها، وصدقني الروابط الخلفية ستأتي وحدها، وإن أصريت يمكنك فعل ذلك بطريقة أخرى وفي وقت معين.
كيف يكون اهتمامك بالروابط الخلفية صحيحًا؟
- اهتم بالجودة لا بالكم: يجب أن تنتقي المواقع التي تشير إليك بعناية، لكي لا تسوء حالتك بدلًا من أن تتحسن.
- اهتم بموقعك: إن اهتممت بموقعك وبجمهورك سوف تأتي لك الروابط من تلقاء نفسها ودون أن تصطنعها!
- اهتم بمحتواك: المحتوى المؤثر والثري يسعى إليه الجميع، ألم يسبق لك أن بحثت عن معلومات معينة لتكتبها في مقالك ثم وجدت مصدرًا رائعًا وأشرت إليه وحدك دون أن يدفع لك المصدر أي مقابل؟ كن أنت هذا المصدر الذي يسعى أي شخص مهتم أن يشير إليه.
دراسة حالة حقيقية لمشروع SEO
بعد أن وضحت لك أهم المبادئ التي يجب عليك الاهتمام بها لكي تتصدر محركات البحث وتجني الزيارات العضوية، أحب أن أقدم لك دراسة حالة حقيقية لأحد المواقع التي عملت عليها.
عن الموقع
هو موقع إلكتروني لمجمع طبي متكامل في السعودية. الموقع مكون من جزئين، جزء متجر إلكتروني والجزء الآخر موقع به صفحات الخدمات والأطباء والمدونة وخلافه.
حالة الموقع قبل الاستلام
كانت الإحصائيات كلها تكاد تكون أصفارًا! لا زيارات ولا كلمات عضوية متصدرة ولا نقرات ولا أي شيء.
حالة الموقع عند تسليم المشروع
أنهيت هذا المشروع بعد عام، كانت الزيارات العضوية الشهرية حينها 12 ألف زيارة، والنقرات 14 ألف نقرة، متصدرين محركات البحث بحوالي 4000 كلمة مفتاحية، منها المعلوماتية ومنها البيعية.
ماذا فعلت؟
- فحص شامل للموقع وللمنافسين: لكي أفهم مشاكل الموقع ونقاط قوة المنافسين ونقاط ضعفهم.
- بناء استراتيجية SEO محكمة: وضعت فيها الأهداف وقسمتها إلى أربع أرباع، كل ربع به الأهداف التي تصب في الأهداف العامة، أهداف قابلة للقياس والتحقيق ولها إطار زمني محدد، وبه أيضًا كل المهام التي يمكن أن تحقق الأهداف نفس الإطار الزمني.
- التحسين الداخلي للصفحات والمنتجات: يشمل ذلك تحسين المحتوى وكتابة محتوى جديد بالمعايير التي وضحتها لكم بالأعلى، وتحسين الروابط وهيكلة الموقع وإضافة عناصر بصرية عالية الجودة.
- كتابة مقالات جديدة توافق نية المستخدم وترتبط بموضوعات الخدمات وتجيب عن أسئلة العملاء.
- تحسين واجهة المستخدم وتصميم الموقع ليكون أسهل في التنقل وأكثر احترافية.
- حل المشاكل التقنية: مثل مشاكل الفهرسة والصفحات المحذوفة والصفحات الموجهة ومشاكل الأداء.
- متابعة بحث المستخدمين واهتماماتهم أول بأول لكي نقدم خدمات وعروض ومنتجات ومحتوى جذاب يدفعهم للنقر على نتائج البحث ومن ثم حجز الخدمات والمنتجات ليصب ذلك في أهداف البيزنس.
- رصد التقارير الشهرية والربع سنوية والسنوية لمتابعة الأداء ومواصلة التحسين.
بحر السيو واسع عزيزي المثابر، وتفاصيله كثيرة، ولكني ذكرت لك الأساسيات والمبادئ التي يبنى عليها كل شيء. وإن فهمتها وسعيت إليها فإنك ستسير في الطريق الصحيح وسوف تتعلم مع الوقت حل كل المشكلات التي تقابلك.