التخطيط للتطوير الشخصي: اصنع خارطة طريق لرحلتك التعليمية!

التخطيط للتطوير الشخصي
التخطيط للتطوير الشخصي

تخرجت أختي من الجامعة منذ فترة قصيرة، وأثناء محاولاتها للبحث عن وظيفة في مجال دراستها أدركت أن البحث سيطول. فقررت أن تعمل في إحدى مشاريع العمل الحر على الإنترنت -كما تسمع- لكي تحصل مصاريفها مؤقتًا. حينها أتت إلي قائلة: «أريد أن أعمل معك، ابحثي لي عن أي وظيفة على الإنترنت مثلك». 

حبيبتي الصغيرة كانت تظن أن الأمر بتلك السهولة حتى صدمتها بسؤالي: «ما هي مهاراتك التي يمكنك تقديمها لأصحاب المشاريع؟»، فقالت: «لا أعلم، قولي لي ماذا أفعل؟»، فقلت: «امممم، حسنًا ما هو المجال الذي تفضلين العمل به؟ هل الكتابة أم الترجمة أم البرمجة أم التصميم أم التسويق الرقمي أم ماذا؟»، فقالت: «لا أعلم».

حينها أدركت أن رحلتنا ليست قصيرة. وأخبرتها أن عليها قطع مشوار من الإعداد والتطوير الشخصي لكي تمتلك المهارات اللازمة التي تؤهلها للقبول في سوق العمل الحر. فالسوق مزدحم بالمستقلين (Freelancers) ويجب أن تتميز عن الكثيرين لكي تحظى بالفرص، وقررت أن أصطحبها وإياكم في رحلة من التخطيط للتطوير الشخصي وتنمية المهارات.

ماذا نعني بالتخطيط للتطوير الشخصي؟

أن تختر الإطار الذي ترغب في العيش والعمل فيه. أن تختر هويتك المهنية والشخصية، ومن ثم تحدد مهاراتك الحالية والمهارات التي يجب أن تمتلكها لكي تصبح داخل الإطار، ثم تحدد الجهود التي يجب أن تبذلها لكي تمتلك هذه المهارات، سواء كانت مهارات مهنية أو اجتماعية، وتضع لكل هذه الجهود والأهداف إطار زمني لتصبح خطة، ومن ثم تبدأ في تنفيذها لتصل إلى مرادك.

أهمية التخطيط للتطوير الشخصي

لا شك أن هذه الرحلة ضرورية لأي عامل حر يسارع في حرب من العرض والطلب لكي يضمن بقائه ضمن المطلوبين عند أصحاب المشاريع. مجال العمل الحر على الإنترنت يتغير تغيرًا جنونيًا، وهناك العديد من التحديات التي تتسابق في ترشيح (فلترة) المستقلين. مثل الذكاء الاصطناعي والمهارات التكنولوجية المختلفة، لذلك التطوير ضرورة للجميع، وليس شعارات كما يردد البعض ممن يستصعبونه. 

ولا تظن أن التطوير الشخصي وتنمية المهارات يخص المستقلين فقط. بل يشمل أصحاب المشاريع الرقمية الذين يرتبطون بالسوق الرقمي وتطوراته ارتباطًا وطيدًا. وتذكر أن عملية تطوير المنتجات الرقمية بحر واسع يتطلب العديد من المهارات المختلفة التي تحتاج إلى المثابرة التنمية المستمرة.

من بين هذه المهارات هي مهارات القيادة، وإدارة الموظفين أو المستقلين. بالإضافة إلى القدرة على التخطيط وتحديد الأهداف الذكية. كما سيحتاج صاحب المشروع إلى معرفة واسعة بأساسيات التسويق الرقمي. ناهيك عن الخلفية التقنية الذي سيحتاجها لإدارة الفرق التقنية المختلفة التي تعمل ضمن المشروع.

كيفية عمل خطة للتطوير الشخصي وتنمية المهارات

 خطة تعني خطوات مرتبة للوصول إلى هدف معين. لذلك فيما يلي سوف أسرد لكم الخطوات بالترتيب وتأكدوا ألا تفوتوا خطوة!

ضع أهدافًا واضحة وذكية

أساس أي خطة ناجحة هو الهدف الذكي، وهو أن يكون:

  • محددًا: يصف بالضبط ما ترغب في تحقيقه.
  • قابلًا للقياس: أن يقبل وجود معايير ملموسة لتتبع تقدمه.
  • قابلًا للتحقيق: أن يكون واقعيًا وممكنًا.
  • مرتبطًا بك: أن يكون مرتبطًا بمجال دراستك أو بميولك أو بما تحب أن تعمل.
  • محددًا بوقت: أن يكون له إطارًا زمنيًا وموعدًا محددًا للوصول.

إجراء تقييم ذاتي

وذاتي هنا لا تعني بالضرورة أن تقيم نفسك، ولكن أن تحصل على وسيلة تقيم ذاتك بها. يجب أن تعرف مستواك قبل البدء بأي إجراء للتحسين أو لإضافة مهارة، حتى وإن لم يكن لديك أي خلفية. توجد العديد من الوسائل التي يمكن استخدامها لتقييم ذاتك:

  • جرد المهارات Skills inventory: هي طريقة تعتمد على سرد كل المهارات التي تملكها> ثم تحديد مستواك فيها بنفسك (سواء من 1 إلى خمسة أو بالكلمات مثل: مبتدئ، متوسط، أو متقدم). وعلى أساس هذا التقييم تحدد ماذا تحتاج لتحسين المستوى أو لإضافة المهارات اللازمة. 
  • نظام التقييم الشامل (360 degrees): وهو نظام يعتمد على الاستعانة بمن هم أعلى منك في الخبرة من زملاء العمل أو الدراسة أو من المشرفين والمديرين> لكي يقيموا مستواك تقييمًا دقيقًا، ويمكنك الاستعانة بأكثر من شخص إن أردت تقييمًا أدق. 
  • تحليل SWOT الشخصي: هو تحليل مشهور ولكن للعلامات التجارية أو الشركات، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن يمكن للشخص تحليل نفسه به. وهو يعتمد على ذكر نقاط الضعف ونقاط القوة والفرص والمخاطر. 

تحديد فرص التطوير والأولويات

بعد التقييم والتحليل الشخصي، يأتي دور استكشاف مجالات النمو وفرص التطوير. أي المهارات يجب عليك أن تبدأ بتحسينها؟ ما هي الفرص التي يمكنك استغلالها أفضل لكي تنمو أسرع (مثال: أنت تمتلك رؤية فنية وكنت متفوقًا في صفوف الرسم، إذًا ستركز على التصميم). كما يجب أن تنتبه جيدًا إلى السوق المستهدف ودراسة متطلباته وفهم كل ما يحيط به من فرص أو تهديدات.

أسس خطة التنفيذ

حان موعد العمل! بعد أن حددت أهدافك وأولوياتك يأتي وقت خطة التنفيذ. وهي تعتمد على تجزئة الهدف الكبير إلى أهداف أصغر، وتحويل إجراءات الوصول للهدف إلى مهام بمواعيد تسليم محددة. هذه خطوة فيصلية في تحقيق هدفك. وفيما يلي سوف أسرد لك المكونات الرئيسية لخطة تنفيذ مؤثرة:

  • مهام محددة تتضمن خارطة الطريق للتعلم
  • أي موارد مطلوبة (وقت أو مال)
  • موعد محدد لإنهاء لكل مهمة
  • أي معوقات محتملة وطرق تجاوزها
  • معايير النجاح
  • أسماء المسؤولين عن بعض المهام (إن تطلب الأمر تدخل أشخاص غيرك لأي دور)

لا تنس المسودة التدريبية والتطويرية

على هامش أي خطة تطوير أيًا كان اتجاهها. يجب أن تكون هناك أنشطة تعليمية وتدريبية تثري معلوماتك وتساعدك في الإنجاز أسرع وأصح. ومن أمثلة تلك الفرص أو الأنشطة:

  • مصادر التعلم الرسمية: مثل الدورات التدريبية والشهادات المعتمدة وورش العمل.
  • التدريب أثناء الوظيفة والواجبات التدريبية: كأن تقدم على فرصة تدريب على الوظيفة التي ترغب بها لكي تمنح نفسك فرصة حقيقية للتطبيق واكتساب الخبرة العملية، أو أن تمنح نفسك واجبات وتحديات تدريبية لتمارس المهام عمليًا وتتابع تطورك. 
  • مصادر التعلم الذاتي: مثل الكتب سواء ورقية إو إلكترونية والبودكاست والمصادر الإلكترونية. 
  • التواصل المهني والفعاليات الصناعية: أن تتصل مع شبكة من معارف وزملاء المجال وتكن فردًا من هذا المجتمع، لكي تزيد من اتصالك به ومن ارتباطك بأفراده. 

اطلب الدعم

لست مضطرًا لأن تخوض التجربة بالكامل وحدك. يمكنك الاستعانة بموجه أو مشرف يساندك ويشجعك ويقيمك ويزودك ببعض المصادر. ولكن انتبه! أترى أين ذكرت هذه النقطة؟ وبعد كم مهمة يجب عليك أن تفعلها؟ لأني وبالتجربة عانيت من هذه المشكلة وخصوصًا مع الجيل الجديد من الخريجين. الذين يسارعوا بطلب المساعدة في أبسط الأشياء دون محاولة واحدة للبحث.

هذه مشكلة كبيرة! يجب أن تتعلم أن تعتمد على نفسك ما دمت قادرًا على ذلك. يجب أن تنمي مهارات البحث وتطلب المساعدة من متخصص فقط عندما تحاول عدة مرات بمختلف الطرق وتفشل. حينها يمكنك السؤال والاستفسار أو طلب مصادر أو مساعدة مباشرة.

عمومًا، إذا احتجت إلى أي استشارة مهنية في رحلتك للتطوير الشخصي. يمكنك مراجعة صفحة الاستشارات المهنية من خمسات. هناك ستجد خبراء واستشاريين جاهزين لمساعدتك وتوجيهك في إعداد خطتك للتطوير الشخصي.

راقب تطورك وأعد تهيئة خطتك كلما تطلب الأمر

يجب أن تراقب مسارك وتطورك بانتظام لكي تضمن وصولك في النهاية إلى هدفك، ويمكنك فعل ذلك عن طريق التقييمات الذاتية المستمرة سنويًا وحتى شهريًا. مع الاستعداد والمرونة لأي تعديل في الخطة حسب أي تغيير يطرأ عليك أو على ظروفك أو على سوق العمل أو حتى وضع البلد مثلًا. 

التطوير الشخصي وتنمية المهارات ضرورة حتمية في الحياة الاجتماعية الشخصية والمهنية، من لا يتطور سيسقط أرضًا وتدهسه القافلة المواكبة. لا تنتظر أن تطرق الفرص بابك. كن مثابرًا واصنع لنفسك بابًا، وجهز مفتاحه بالمعرفة والخبرة. ابدأ اليوم، بخطوة صغيرة، فكل طريق يبدأ بخطوة.