قيل أن الهدف دون خطة محض أمنية، وأنا أقول أن الاستراتيجية دون خطة تشغيلية محض فكرة وهمية! تخيل أن هناك فريق من الكشافة ضلوا في الصحراء وأضاعوا بوصلتهم. ثم جلسوا معًا وحددوا هدفهم في النجاة واستخرجوا أفكارًا رائعة تساعدهم على الخروج. ثم انطلقوا جميعًا كل شخص في اتجاه دون أي معرفة لكيفية وآلية تنفيذ الأفكار! هل تعتقد أنهم سيصلوا للهدف؟ هل سينجوا؟ بالطبع لا!
ما هو التخطيط التشغيلي؟
التخطيط التشغيلي هي عملية تلي وضع الاستراتيجية للبدء في تطبيقها فعليًا وتحقيق أهدافها. فعندما نضع الاستراتيجية تكن عامة سنوية بأهداف طويلة الأمد وأفكار ذهبية. حينها يأتي دور الخطة التشغيلية لكي تضيق نطاق الاستراتيجية وتقسمها إلى أرباع سنوية وشهور وأسابيع وأيام. ذلك لتوجيه الفريق إلى آلية التنفيذ اليومي ودور كل فرد فيهم.
ما معنى الخطة التشغيلية؟
الخطة التشغيلية هي الخطة التي تتولى آلية تنفيذ أهداف الاستراتيجية وتقسيم الأدوار في إطار زمني هيكلي ينسجم فيه العمليات قصيرة الأمد مع نظيرتها طويلة الأمد لتحقيق الأهداف حسب الأولوية. تساعد الخطة التشغيلية المشروع على السير على المسار الصحيح مع تحسين أداء العمليات اليومية وفعاليتها.
ما هي عناصر الخطة التشغيلية؟
كحال أي خطة أخرى، تتكون الخطة التشغيلية من خمسة عناصر رئيسية:
- التحضير (Preparation): يشمل تحليل الموارد والسوق والجمهور والمنافسين. وتدريب الموظفين وإعدادهم وضمان جاهزية الموارد قبل بدء المشروع.
- التسويق (Marketing): إنشاء استراتيجيات تسويقية فعّالة لترويج المنتجات أو الخدمات، مع التركيز على فهم السوق والعملاء المستهدفين.
- اللوجستيات (Logistics): تنظيم العمليات اليومية مثل التوريد والتخزين والتوزيع لضمان سير العمل بسلاسة وكفاءة. وهذا العنصر قد يكون مُهملًا بشكل كبير في المشروعات الرقمية.
- الموارد البشرية (Human Resources): إدارة العاملين بتحديد أدوارهم ومواصلة تدريبهم ودعمهم، وتطوير السياسات لضمان أداء أفضل منهم.
- الحدود المالية (Financial Limits): تحديد الميزانيات ومراقبة التكاليف لضمان استدامة العمليات وتحقيق الأهداف المالية.
أهمية التخطيط التشغيلي
لعلك أدركت أهمية التخطيط التشغيلي وحدك من كلامي، ولكن لن أبخل عليك بسرد الفوائد كاملة لكي تدركها حقًا. من البداية يضع التخطيط التشغيلي خطة تنفيذية لتحويل الأهداف إلى واقع ملموس. والتي تشمل كل مراحل التنفيذ من البداية وحتى تحقيق الأهداف وتحليل النتائج. كما تتضمن الخطة التشغيلية ترتيب الأولويات لضمان سير العمل بسلاسة في اتجاه الأهداف الاستراتيجية للمشروع.
من ناحية أخرى، يساهم التخطيط التشغيلي في ترشيد النفقات التنفيذية المُهدرة. والتي تنتج عن العمليات غير المؤثرة أو غير المناسبة في هذه المرحلة من المشروع. ذلك لأن الخطة التشغيلية توجه الجهود والموارد نحو ما هو ضروري وفعال فقط لتحقيق الأهداف. باختصار، فإنها تحكم استخدام الإمكانيات المناسبة، في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب.
يساهم التخطيط التشغيلي أيضًا في إدارة المخاطر. ذلك من خلال تحديد التهديدات وتوقع حدوثها استباقيًا لتكون العملية التشغيلية قادرة على مناورتها في أثناء التنفيذ. ويبدأ ذلك من التحليل الدقيق لكافة السيناريوهات المحتملة وتحديد نقاط الضعف. بالإضافة أيضًا إلى معرفة نقاط القوة التي ستاسهم في وضع آليات الطوارئ والخطط البديلة.
أخيرًا، يلعب التخطيط التشغيلي دورًا في عملية اتخاذ القرار بناءً على أسس واضحة في إطار منظم. وهي تقييم الأوضاع الراهنة ثم جمع المعلومات وتحليل البيانات. ومن ثم اتخاذ قرارات مبنية على هذا التحليل. على سبيل المثال، يمكن لمنصة إلكترونية تجارية لبيع الأجهزة الكهربائية تحليل اتجاهات السوق والجمهور المستهدف والتوقعات الاقتصادية لتكييف استراتيجياتها التسويقية والتنفيذية للمشروع الرقمي بدقة لتحقيق الإيرادات.
خطوات التخطيط التشغيلي في المشروعات الرقمية
فيما يلي سوف أستعرض معك خطوات التخطيط التشغيلي وتطبيقها على مثال عملي وهو مشروع رقمي عن إطلاق منصة تدريب إلكتروني.
تحديد الهدف العام (طويل الأمد)
- الهدف الأولي للمشروع هو إطلاق منصة رقمية للتدريب الإلكتروني في غضون 12 شهرًا، تستهدف الوصول إلى 5,000 مستخدم نشط في أول سنة.
تجزئة الهدف الرئيسي إلى أهداف فرعية مصغرة
| الهدف الفرعي | مؤشر الأداء (KPI) | المدة |
| تصميم وتطوير المنصة الإلكترونية | الانتهاء من نسخة تجريبية وتشغيلها بنجاح | في أول شهرين |
| إنتاج 10 دورات تدريبية بجودة عالية | عدد الدورات المنشورة على المنصة | في أول 6 شهور |
| بناء قاعدة أولية من 1,000 مستخدم | عدد المستخدمين المسجلين في أول شهر بعد الإطلاق | 3 أشهر بعد إطلاق أول دورة |
| تحقيق معدل رضا مستخدمين لا يقل عن 85% | نتائج استطلاعات الرأي والتقييمات | 3 أشهر بعد إطلاق أول دورة |
| تحقيق إيرادات 50,000 ريال | المبيعات على المنصة | 6 أشهر بعد إطلاق أول دورة |
تحديد الموارد المتاحة والمطلوبة
الموارد المتاحة:
- مبرمج (هو نفسه رائد العمل)
- مدير مشروع (هو نفسه رائد العمل)
- ميزانية مبدئية: 30 ألف ريال
الموارد المطلوبة:
- مصمم UI/UX لتصميم واجهة المستخدم
- أخصائي تسويق إلكتروني
- نظام إدارة محتوى تعليمي (LMS)
- فريق دعم فني لتجربة المستخدم
- خبراء محتوى تدريبي (يمكن الوصول إليهم من منصات العمل الحر مثل مستقل)
وضع خطة التنفيذ والمتابعة
- تقسيم المشروع إلى مراحل حسب أولوية الأهداف؛ وهي تطوير، وصناعة محتوى، وتسويق رقمي، وتشغيل.
- استخدام أدوات إدارة المشروعات مثل منصة أنا.
- مراجعة يومية للمهام وأسبوعية لتقدّم الأهداف الفرعية.
- ضبط الخطة حسب الأداء الفعلي والنتائج المحققة وأي تغييرات طارئة داخلية أو خارجية.
الفرق بين التخطيط التنفيذي والتشغيلي
يتشابه التخطيط التنفيذي مع التشغيلي في توفيرهم لخطة تنفيذية تحقق الأهداف الاستراتيجية للمشروع. ولكن يكمن الاختلاف الجوهري في المدة الزمنية، حيث توازي الخطة التنفيذية نظيرتها الاستراتيجية لتحول الأهداف إلى إجراءات تنفيذية عامة على المدى البعيد. أما الخطة التشغيلية فهي تفصيلية ومُجزأة.
يعني ذلك أن الخطة التشغيلية تشمل كل المهام الرئيسية والفرعية. كما تشمل المتابعة اليومية والأسبوعية والشهرية وحتى ربع السنوية. فهي بذلك أكثر تفصيلًا وتوجيهًا للفريق، ويعتمد عليها المشروع اعتمادًا أساسي. وفيما يلي أُلخص لك جوانب الاختلاف بين التخطيط التنفيذي والتشغيلي:
| الجانب | التخطيط التنفيذي | التخطيط التشغيلي |
| المدة الزمنية | طويلة المدى (3-5 سنوات) | قصيرة المدى (سنة أو أقل) |
| التركيز | متابعة الأهداف العامة للمشروع | متابعة الأنشطة والمهام اليومية المحددة |
| المسؤولية | الإدارة العليا | الإدارة الوسطى والمشرفين |
| المحتوى | الرؤية، والرسالة، والأهداف الاستراتيجية | المهام، والجداول الزمنية، وتخصيص الموارد |
| الهدف | ضبط الاتجاه العام للمشروع | تنفيذ الخطط لتحقيق الأهداف الفرعية والرئيسية |
سواء التخطيط الاستراتيجي أو التنفيذي أو التشغيلي فهم خطط تكاملية تسير معًا على التوازي لتحقيق أهداف المشروع. كلٌ يحقق الغرض منه وفق خطوات مدروسة وأدوار محددة ومسؤولة. ويجب على كل المعنيين بالعمل على هذه الخطط اكتساب وتطوير المهارات التخطيطية والتفكير الاستراتيجي لحسن إدارة الخطط وتنفيذها.