عندما بدأت مشروعي في التجارة الإلكترونية كنت أتكفل بكل المهام وحدي. بدءًا من البحث عن المنتج إلى إرسال الطلبات. وذلك بالتنقل إلى شركة التوصيل، ومن ثم متابعة الطلبات وإدارة خدمة ما بعد البيع. بالإضافة إلى التصميم وكتابة المحتوى الإعلاني وإطلاق الحملات الإعلانية والرد على الرسائل وتأكيد الطلبيات.
في البداية، الأمر كان يبدو لي جيدًا وممتعًا لأنني كنت متحمسة لفكرة مشروعي والطلبيت كانت قليلة، لكن بمرور الوقت ونمو أعمالي؛ أدركت أن الأمر لا يستقيم! وأن أي صاحب مشروع رقمي عليه أن يتمتع بمهارات القائد الناجح التي تمكنه من بناء وإدارة فريق عمل. وهو ما سأخبرك به عزيزي المثابر في هذه المقالة.
ما هي مهارات القيادة؟
هي مجموعة من المهارات التي يحتاجها أي صاحب عمل على الإنترنت لتحويل فكرته إلى مشروع ناجح، ولإنشاء وإدارة فريق عمل. كما يحتاجها صاحب العمل أيضًا لاتخاذ قرارات استراتيجية، ولتحقيق أهداف المشروع المستقبلية، وللتعامل مع أي تحديات المحتملة بمرونة وكفاءة عالية.
ولحسن الحظ عزيزي المثابر أن أغلب هذه المهارات يمكن اكتسابها وتطويرها. على خلاف الاعتقاد الشائع بأن القيادة فطرية فقط. لكن في الحقيقة قد تكون مكتسبة ويمكن للشخص صاحب عقلية النمو Growth Mindset أن يطور من نفسه ومهاراته ويصبح قائدًا مميزًا في المستقبل.
لماذا تحتاج إلى مهارات القائد؟
قد تعتقد في البداية أن الأعمال على الإنترنت لا تحتاج إلى مهارات قيادية لأنك في الأغلب تُدير المشروع بمفردك. لكنها أمر ضروري إذا أردت النمو بمشروعك وبناء فريق عمل من المستقلين لتحقيق أهدافك المستقبلية.
اتخاذ القرارات الاستراتيجية
تُساعدك مهارات القيادة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وهي أمر ضروري في عالم المشروعات الرقمية نظرًا للتحديات والتطورات السريعة التي تطرأ على هذا المجال.
إدارة فرق العمل عن بُعد
غالبًا ما ستعتمد في مشروعك الرقمي على مجموعة من المستقلين. فأعمال الإنترنت تُدار عن بُعد على الأغلب. وستحتاج أن تكون قائدًا ناجحًا حتى تتمكن من توزيع المهام وإدارة وقت فريقك بفاعلية لتحقيق الإنتاجية المرجوة.
التعامل مع العملاء وإدارة العلاقات
في النهاية عزيزي، فإن العنصر الأهم في مشروعك الرقمي هم العملاء. يجب أن تتعلم مهارات القيادة حتى تفهم كيف تتعامل معهم. فهذه المهارات تُمكنك من إداراة العلاقات مع عملائك وفهم مستويات رضاهم عن المنتجات أو الخدمات التي تُقدمها حتى تتخذ قرارات استراتيجية بتطوير أو تحسين الخدمة، أو حتى تعزيز نقاط قوتها.
مهارات القائد الناجح
تختلف المهارات القيادية من مجال إلى آخر، لكنها تتشابه فقط في الخطوط العريضة والأُطر العامة. وأنا هنا عزيزي المثابر لأقدم لك أهم المهارات القيادية التي تصنع قائدًا ناجحًا في العموم، مع التركيز على المشروعات الرقمية بوجه خاص.
التواصل الفعال
يعد التواصل أهم وسيلة تفاعلية بين البشر فهو عبارة عن جسر حيوي يربط بين الأفراد ويسهل عليهم تبادل الأفكار والتجارب والمعارف، والتعبير عن المشاعر وإيصال الرسائل. وفي عالم القيادة، يعد التواصل مهارة رئيسية يحتاجها أي قائد ناجح لإدارة الموارد البشرية والمالية.
والتواصل القيادي ليس مجرد وسيلة تفاعلية غرضها نقل الأفكار بعشوائية، بل هو عبارة عن مهارة تنقل رؤية القائد وتوضح هدفه وتمكنه من إدارة فريقه بفعالية. فالقائد الناجح هو بوصلة فريقه نحو تحقيق أهداف المشروع.
ومن أسس التواصل القيادي الفعال فن طرح الأسئلة، وحسن الاستماع إلى الفريق. بحيث يجب أن تكون الأسئلة واضحة ومحددة وبلغة سلسة توصل الرسالة بوضوح ليسهل على الفريق فهم المراد وتحقيق الأهداف. وأحيانًا، يجب أن تكون الأسئلة مفتوحة لتعزيز النقاش وخلق التفاعل والتواصل بين القائد وفريقه.
التكيف مع التغييرات
عالم المشروعات الرقمية مُتغير بسرعة حسب التوجهات الجديدة والتقنيات الحديثة التي تظهر يومًا بعد يوم. والقائد الناجح عزيزي المثابر هو من يتكيف بمرونة مع هذه التطورات ويتمكن من مواكبتها وتحويلها إلى فرص يمكن انتهازها لتحقيق أفضل النتائج.
فعلى سبيل المثال، عندما ظهر الذكاء الاصطناعي، ظن البعض أنه قادر على استبدال العديد من الخدمات التي يمكن أن تكون جزءًا من المشاريع الرقمية المختلفة. لكن القائد الناجح هنا هو الذي يستغل هذه الثورة ويستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمة مُحسنة تواكب أحدث التطورات وتُرضي العملاء.
القدرة على تحفيز الفريق
القائد هو الملهم الأول للفريق، وأي فريق عمل ناجح يحتاج لبيئة إيجابية وقائد مؤثر ملهم، يحفزه ويقوده لتحقيق أهدافه. يُعد التحفيز عاملًا أساسيًا في رفع معنويات أي فريق، وحثهم على تقديم الأفضل دائمًا، لذلك عليك كقائد أن تحسن هذه المهارة وتطورها باستمرار لتصل للنتائج المرجوة.
تحفيز الفريق يكون بمكافآت مالية ومعنوية ويعتمد بشكل أساسي على التواصل الفعال. وتذكر أن تفويض المهام لأعضاء الفريق يرفع روح المسؤولية ويجعلهم يشعرون بالانتماء إلى مشروعك، وهو أفضل صورة للتحفيز.
كقائد، كن دائمًا قدوة، ومصدر إلهام وإيجابية.
من الضروري أيضًا أن تهتم بإبراز الجانب الإيجابي لفريقك. فعلى سبيل المثال، إذا رأيت بعض السلبيات في أداء عضو من فريقك، لا تصدر له ذلك الجانب فقط. لكن اجعل الإشارة دائمًا مقترنةً بالإيجابيات التي رأيتها في أعماله أو حتى اعتدت على رؤيتها منه. وذلك حتى لا يشعر بالإحباط وتظل روح التحفيز مُشتعلةً بداخله.
التفكير الاستراتيجي
لا قيادة بلا تفكير، فالنجاح لا يأتي بالصدفة في عالم العمل عبر الإنترنت. فالقائد الناجح صاحب رؤية مستقبلية مبتكرة، فهو يرى ما لا يراه غيره، ويفكر فيما لا يفكر فيه غيره، وبالطبع يحقق ما لا يحققه غيره! وكل ذلك بفضل مهارة التفكير الاستراتيجي، التي تعد نهجًا شاملًا يجمع بين الرؤية الواضحة بعيدة المدى، والقدرة على التحليل، واتخاذ القرارات الصائبة، مع مرونة في مواجهة التحديات والتكيف مع التغيرات.
سأبسط لك الأمر أكثر، تخيل صاحب متجر إلكتروني لبيع الملابس يريد زيادة مبيعاته. بدلًا من التركيز على البيع المباشر فقط، يُحلل صاحب التفكير الاستراتيجي حالة مشروعه، ويدرس جمهوره المستهدف، ويفهم المتغيرات التي تطرأ على المجال، ثم يتكيف مع المستجدات.
بعد ذلك، يضع خطة تسويقية مناسبة تمكنه من مضاعفة مبيعاته على المدى المتوسط والبعيد.بدلًا من وضع خطة سطحية تحقق نتائج سريعة لكنها تعيده إلى نقطة الصفر بعد فترة وجيزة. فإن القائد الذي يتقن مهارة التفكير الاستراتيجي، يخطط دائمًا للمستقبل ويحقق أهدافه بذكاء.
إدارة الفرق عبر الإنترنت
سوق العمل الحديث، خاصةً في المشاريع الرقمية، أصبح يفرض نظام العمل عن بعد. وذلك لترشيد النفقات، والظفر بمواهب من مناطق جغرافية مختلفة. وهذه المهارة معتمدة بصورة أساسية على القدرة على إدارة الوقت. وابدأ بنفسك عزيزي المثابر، أحضر ورقة وقلم وسجل مهامك وتابع أدائك على مدار اليوم. فإذا لم تتمكن من إدارة وقتك، كيف ستُدير وقت أعضاء فريقك؟
من بين الاستراتيجيات الهامة في إدارة الفرق عبر الإنترنت أيضًا هي التحفيز المستمر التي تحدثنا عنها بالأعلى. كما يجب أن تحرص أيضًا على تواصل فعال مع فريقك بصورة أسبوعية على الأقل. وذلك لمتابعة العمل والاستماع إلى التحديات التي يواجهها الفريق ومحاولة حلها.
استخدام أدوات العمل الرقمي
بما أن سوق العمل بات يفرض على كل قائد ناجح إتقان مهارة إدارة الفرق عبر الإنترنت، ستحتاج إلى بعض التطبيقات أو الأدوات التي تساعدك على إدارة المشاريع وتنظيم العمل. ومن هذه الأدوات أداة أنا التي تُمكنك من تخصيص الأسلوب الذي يناسب سير أعمالك عبر اللوحات والتطبيقات والقوالب المختلفة.
حل المشكلات
القائد هو المسؤول الأول عن مشروعه. فلا يقتصر دوره على إدارة الموارد البشرية والمالية. بل يمتد إلى مواجهة الصعوبات والأزمات التي تقف أمام المشروع. والقائد الناجح لا يرى هذه الأزمات كعقبات، بل يعتبرها فرص يمكن استغلالها للتطوير والنمو بالمشروع. لذلك اسأل نفسك قبل التفكير في حل المشكلة، ما هي الفرصة التي أمامي؟ وماذا يمكن أن أتعلم منها؟
ولتبدأ في حل المشكلة أنصحك باتباع أسلوب «فرق تسد». وهو أسلوب يعتمد على تجزئة المشكلة إلى مشاكل صغيرة يمكن حلها بسهولة للتخلص من المشكلة الرئيسية تدريجيًا. كما أنصحك أيضًا باستخدام أسلوب 5 Whys. وهو أسلوب يعتمد على طرح سؤال «لماذا؟» 5 مرات على الأقل لفهم السبب الجذري للمشكلة، وهي أولى طرق الحل.
ولتفهم هذا الأسلوب أكثر، دعنا نفترض أنك تدير متجرًا إلكترونيًا وتواجه مشكلة انخفاض المبيعات:
- أولًا: لماذا انخفضت المبيعات؟ بسبب انخفاض عدد الطلبات على المتجر.
- ثانيًا: لماذا انخفض عدد الطلبات على المتجر؟ بسبب انخفاض عدد الزوار.
- ثالثًا: لماذا انخفض عدد الزوار؟ بسبب انخفاض معدل النقر على الإعلانات CTR بمنصة فيسبوك.
- رابعًا: لماذا انخفض معدل النقر على الإعلانات؟ بسبب ظهورها لجمهور أقل اهتمامًا بالنيتش الخاص بمشروعك.
- خامسًا: لماذا تظهر الإعلانات لجمهور غير مهتم بالنيتش؟ بسبب تحديثات في خوارزمية الفيسبوك غيرت من طريقة استهداف الإعلانات للجمهور، ولم تضبط إعدادات الاستهداف بناءً على هذه التحديثات.
كما ترى عزيزي المثابر، الآن وصلنا إلى السبب الجذري، ويمكنك البدء مباشرةً في حل المشكلة عبر تجزئتها إلى مهام صغيرة. تبدأ من إعادة ضبط إعدادات الإعلانات لضمان الوصول إلى جمهورك المستهدف. وتحسين المحتوى الإعلاني. والاعتماد على أنواع محتوى تُفضلها الخوارزميات الجديدة مثل المقاطع القصيرة Reels. مع البحث عن أنشطة تسويقية بديلة.
مهارة بناء العلامة التجارية الشخصية
تقدم لك مهاراتك كقائد ناجح فرصة ذهبية لبناء علامة تجارية شخصية. بصفتك قائدًا؛ فقد مررت بالكثير من التجارب الحياتية والعملية، كما أنك تمتلك خبرة كبيرة. من خلال تلك المسيرة يمكنك البدء في صناعة محتوى مؤثر تسرد فيه قصصك الملهمة والشخصية مع جمهورك.
تلك المشاركة تخلق نوعًا من المودة والروابط العاطفية والتقارب الشخصي. ومن هذه العلامة الشخصية تتشكل روابط شخصية وعلاقات عميقة. والتي يمكن أن تفيد مشروعك وتجذب إليك عملاء محتملين أخرين. كما أنك ستتمكن من مشاركة نجاحاتك كقائد وتقديم النصائح والإلهام لقادة المستقبل.
لذلك يجب عليك كقائد أن تتقن هذه المهارة، إن أردت النجاح المستدام وبناء قاعدة عملاء مخلصين، وتحقيق التوسع والانتشار وخلق ثقة بينك وبين فريقك وأيضًا بينك وبين جمهورك المستهدف.
عزيزي المثابر، المهارات القيادية سمات لا غنى عنها لقادة المشاريع الناجحة على الإنترنت. وما أكثر أصحاب المشاريع الرقمية، لكن يظل القادة الناجحون قلةً في هذا العصر. لذلك، كن قائدًا!