دليل التسويق الدولي للانتشار داخل الأسواق العالمية

تسويق دولي
تسويق دولي

هل تعتقد أن الانطلاق إلى الأسواق العالمية طموح جنوني؟ أو أنه حق مكفول فقط لكبار رجال الأعمال؟ ربما كنت سأتفق معك قبل 15 عام. ولكن اليوم، وفي ظل هذا التحول الرقمي الهائل، أصبح بإمكانك أن تضع هذا الهدف في استراتيجيتك بكل ثقة وشجاعة! وفي المشروعات الرقمية، أصبح من السهل الانتشار نحو الأسواق العالمية بسهولة مقارنةً بالمشروعات الحقيقية على الأرض. كل ما تحتاجه هو رؤية واضحة لمشروعك وأهدافك مع استراتيجية تسويقية مُحكمة.

في هذه المقالة، نكتشف معًا مفهوم التسويق الدولي وأفضل النصائح التي تحتاجها قبل أن تفكر في الانتشار بمشروعك الرقمي داخل الأسواق العالمية.

ما هو التسويق الدولي؟ 

التسويق الدولي هو جواز السفر الذي يسمح لمنتجاتك أو خدماتك بتجاوز حدود بلد المنشأ والوصول إلى المستهلكين حول العالم. لا يقتصر التسويق الدولي على بيع منتج في دولة أخرى، بل هو فن فهم الثقافات المختلفة وابتكار رسائل تسويقية تتحدث بلغة كل سوق، وتلائم عاداته واحتياجاته. فهو مزيج من التخطيط الذكي والدراسة العميقة والشجاعة في اقتحام أسواق جديدة، يتمثل في استراتيجية عالمية تهدف إلى بناء علاقات طويلة الأمد مع عملاء من مختلف الجنسيات والخلفيات.

أهمية التسويق الدولي

تتعدد أهمية التسويق الدولي بين تطوير قاعدة العملاء وتوسيع الجمهور المستهدف. واستكشاف الفرص الجديدة في مجتمعات متنوعة. بالإضافة إلى مزايا تسويقية تنبع من تعزيز الوعي بعلامتك التجارية.

تطوير قاعدة العملاء وتنويع مصادر الإيرادات

لا شك أن زيادة العملاء والتوسع في الاستهداف بجانب التنوع في مصادر الدخل والإيرادات والعملات هو ربح فوق الربح، مشروعك يتوسع وترتفع أرباحه ويصل للعالمية!

خفض التكاليف مع زيادة الإنتاج

عندما تدخل شركتك أسواقًا جديدة، يزداد الطلب ومعه حجم الإنتاج. وهنا تبدأ المعادلة الذهبية: كلما زاد الإنتاج، قلت تكلفة الوحدة الواحدة. هذا التوفير في التكاليف يعطيك فرصة لتقديم أسعار أكثر تنافسية، وتحقيق أرباحًا أكبر. وهو ما يرفع مكانتك وقوتك في السوق العالمي، ويجعلك تتصدر ملاعب الكبار بثقة وشجاعة.

زيادة القدرة على الابتكار والتفكير الإبداعي

عندما تنفتح على العالم والثقافات المختلفة، وتجد نفسك أمام تحدٍ جديد وكبير. سوف تبذل مجهود أكبر، سوف تنير مناطق في دماغك لطالما أظلمت. ومع زيادة هذه الجهود والمحاولات سوف ترتفع قدرتك لتوليد أفكارًا جديدة. وهو ما يرفع قدرتك على المنافسة ومواجهة التحديات. وهذا الأمر حيوي لأي مشروع رقمي الذي يعتمد دائمًا على جودة وإبداعية الأفكار.

زيادة شهرة علامتك التجارية

لعل هذا الهدف هو أكثر الأهداف توقعًا وأهمية أيضًا. فعندما تنجح في التسويق الدولي وتصل إلى مختلف بقاع الأرض بعلامتك التجارية. فإن شهرتك تزداد وصيتك ينتشر والوعي بك وبعلامتك التجارية يرتفع.

شروط الدخول إلى الأسواق العالمية

للدخول إلى الأسواق العالمية، لا يكفي أن يكون المنتج جيدًا أو الخدمة مبتكرة. بل يجب الالتزام بمجموعة من الشروط التي تفرضها الدول لضمان تنظيم التجارة وحماية المستهلك. هذه الشروط تشكل الأساس القانوني والتجاري الذي يُسمح بموجبه للشركات الأجنبية بمزاولة أنشطتها داخل السوق المستهدف.

من أهم هذه المتطلبات الحصول على التصاريح والتراخيص الرسمية لمزاولة النشاط التجاري. تشترط بعض الدول تسجيل الشركة لدى غرفة التجارة المحلية أو وزارة التجارة. يعد ذلك خطوة ضرورية لبدء أي نشاط قانوني داخل تلك الدول. كذلك، يجب الامتثال لمعايير السلامة والجودة من خلال تقديم شهادات تثبت مطابقة المنتج للمواصفات الوطنية. من أبرز هذه الشهادات ISO وCE المستخدمة في الدول الأوروبية، وهي دليل على الجودة والثقة.

وإذا كان مشروعك تجارة إلكترونية، تفرض بعض الدول قيودًا على الكميات المسموح باستيرادها من سلع معينة، أو قد تحظر استيراد بعض المنتجات نهائيًا. هذه السياسات تهدف إلى حماية الإنتاج المحلي وتنظيم السوق الداخلي. ولا بد من الالتزام بقوانين حماية المستهلك، والتي تشمل سياسات الاسترجاع والاستبدال وفقًا لما تنص عليه اللوائح المحلية. هذه الإجراءات تعزز ثقة المستهلك في المنتجات المستوردة.

وفيما يخص المشروعات الرقمية والمنتجات الرقمية. غالبًا ما تتطلب الامتثال لقوانين حماية البيانات المحلية (مثل GDPR في أوروبا)، بالإضافة إلى الالتزام بسياسات الدفع الإلكتروني والترخيص البرمجي. كما قد تفرض بعض الدول قيودًا على المحتوى الرقمي أو استضافة البيانات خارج حدودها. لذلك أنصحك أولًا بدراسة قوانين وتشريعات الدولة المستهدفة قبل الدخول فيها.

كيفية الدخول في السوق الدولية

اختيار الدولة المناسبة هو أهم وأول خطوة والتي تقرر نجاحك من فشلك في الدخول إلى السوق الأجنبية. لذلك في القائمة التالية سوف أوضح لك أهم عوامل الاختيار:

  • حجم السوق والطلب: استهدف سوقًا يحتوي على عدد كافٍ من العملاء المحتملين ويظهر فيه طلب حقيقي على منتجك أو خدمتك.
  • سهولة ممارسة العمل: اختر دولة تدعم العمال والاستثمار الأجنبي.
  • التكلفة مقابل العائد: قيّم التكاليف المرتبطة بالدخول إلى السوق مقابل العائد المتوقع. مثل تكلفة التسويق والشحن والتوزيع، والرسوم الجمركية والضرائب، والتكاليف التشغيلية مثل الإيجارات والأجور، ومقارنة الأسعار المحلية بقدرتك التنافسية.
  • الثقافة: اختر دولة لا تتعارض خدماتك أو منتجاتك مع ثقافاتهم وعاداتهم. 
  • درجة التشبع: اختر سوق غير متشبع بالمنافسين، لكي تجد لك فجوات تملأها وتتصدر بها.

على سبيل، تدعم بعض الدول العربية مؤخرًا الاستثمار الأجنبي. وذلك مثل السعودية والإمارات العربية. لذا ستكون هذه الدول خيارًا مثاليًا للتوسع. لكن احرص أولًا على دراسة السوق وتأكد أنه غير متشبع من المنتج أو الخدمة التي تقدمها. ويا حبذا لو تمكنت من إيجاد نقطة ألم تستطيع مخاطبتها. فيما يلي أهم النصائح التي تأخذها بالاعتبار للدخول في السوق الدولية.

دراسة السوق المستهدف

بعد اختيار الدولة المناسبة بعناية، يأتي دور الدراسة والتحليل العميق، يجب فهم السوق الجديد جيدًا وعمل الآتي:

  • تحليل سوقك التجاري في البلد المستهدفة من حيث الجانب الثقافي والاقتصادي: فهم وضعه العام وفهم الجمهور المستهدف هناك. ومعرفة العادات والقيم، والقدرة الشرائية لهم.
  • تقييم المنافسة هناك: من هم المنافسون الرئيسيون؟ ما هي نقاط قوتهم وضعفهم؟
  • تحديد الطلب: هل هناك حاجة حقيقية لمنتجك أو خدمتك؟

يمكن الاستفادة من تقارير السوق والدراسات الحكومية والمعارض الدولية لجمع هذه المعلومات.

تكييف المنتج أو الخدمة

قد يتطلب السوق الجديد تعديلًا في المنتج أو الخدمة لتناسب الثقافة المحلية أو بعض القوانين أو التفضيلات، ويمكن أن تشمل التعديلات:

  • التغليف: ألوان وتصاميم ملائمة.
  • اللغة: ترجمة المحتوى والتسميات.
  • المكونات: تعديل المكونات لتناسب الذوق المحلي.

بناء شبكة توزيع فعالة

اختيار القنوات المناسبة لتوصيل المنتج إلى العميل:

  • الوكلاء والموزعون: شركاء محليون يساعدون في التوزيع.
  • المتاجر الإلكترونية: البيع على منصات تجارية مثل متاجر شوبيفاي أو سلة.
  • المتاجر الفعلية: فتح فروع أو نقاط بيع محلية.

استراتيجيات التسويق الدولي

هناك العديد من استراتيجيات التسويق الدولي التي يمكنك اتباعها للترويج لمنتجاتك أو خدماتك في السوق الدولية:

  • استراتيجية التوحيد (Standardization Strategy): أن تعرض نفس المنتج بنفس الشكل في كل الأسواق، مثل ما تفعل بعض الشركات العالمية الكبيرة.
  • استراتيجية تكييف المنتج: أن تعدل منتجك أو رسائلك التسويقية ليناسب ثقافة وعادات كل دولة.
  • استراتيجية المزج بين هوية العلامة التجارية وبين ثقافة السوق المحلي لإنتاج طريقة تسويقية تحافظ على الهويتين. 
  • استراتيجية التسعير التنافسي لجذب العملاء في البداية واقتحام السوق. 
  • الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي المفتوحة على العالم والوصول إلى جمهورك وأنت في مكانك عبر الحملات الإعلانية. 
  • العروض الترويجية: تقديم خصومات أو عينات مجانية للمشاهير للتسويق عبر المؤثرين.

اختيار استراتيجية الدخول

يختلف اختيار استراتيجية الدخول إلى السوق الدولي حسب حجم المشروع والموارد المتاحة ومستوى المخاطرة المقبول. وفيما يلي أبرز هذه الاستراتيجيات لتقييم الأنسب منها.

استراتيجية التصدير

وهي تتضمن بيع المنتجات مباشرة أو عبر وكلاء أو موزعين أو شركاء استراتيجيين. التصدير له نوعين:

  • التصدير المباشر: وفيه تبيع بعض الشركات منتجاتها في الأسواق الدولية دون الاستعانة بأطراف وسيطة. وبالأخص الشركات التي تقدم منتجات فاخرة أو لديها خبرة في التعامل مع الأسواق العالمية.
  • التصدير غير المباشر: وذلك بالاعتماد على خدمات وكلاء مثل الموزعين الدوليين. وغالبًا ما يُفضل هذا الخيار الشركات التي تبدأ أولى خطواتها في السوق العالمي.

الاستفادة من شبكات الآخرين (Piggybacking)

إذا كان لديك شركاء يبيعون بالفعل في الخارج، يمكنك "الركوب على ظهرهم" بإضافة منتجاتك إلى عروضهم. تقاسم الأرباح وتخفيف المخاطر، بينما يركز شريكك على التسويق الدولي.

الشراكات

وهي تأسيس شراكات فعالة مع شركات تعمل بالفعل في السوق المحلي للدولة التي تستهدفها. ويمكنك أيضًا منح حقوق استخدام العلامة التجارية لشركاء محليين هناك وهو ما يُعرف بالترخيص والامتياز (Franchising).

الاستحواذ (Acquisition)

وهو شراء شركة محلية قائمة بالفعل في البلد المختارة للدخول السريع إلى السوق. توفر هذه الاستراتيجية لك قاعدة عملاء جاهزة وبنية تحتية، لكنه يتطلب استثمارًا كبيرًا وفهمًا عميقًا للسوق. ويمكنك تفعيل هذه الاستراتيجية في المشروعات الرقمية، مثلًا شراء مدونة أو صفحة على التواصل الاجتماعي أو حتى قناة يوتيوب.

بعد أن عرفت كل المعلومات التي تؤهلك لاتخاذ هذا القرار الشجاع، ما عليك غير أن تفكر، هل مشروعك يليق به أن ينطلق في سماء العالمية؟ إن كان جوابك "نعم"، لا تردد! فقد عرفت كل الخطوات، الشهرة والانتشار في انتظارك!