الحلم والإدارة: ما هو الفرق بين ريادة الأعمال وإدارة الأعمال؟

ريادة الأعمال مقابل إدارة الأعمال
ريادة الأعمال مقابل إدارة الأعمال

هناك شاب لديه خبرة في البرمجة، ووالده مدير في إحدى المدارس في المنطقة. شارك الأب ولده مشكلة لاحظها في المدرسة، وهي أن الطلاب يعانون من ضعف المستوى التعليمي. فقرر الابن مساعدة أبيه بابتكار تطبيق ذكي يساعد الطلاب على التعلم بطريقة تفاعلية. وبعد نجاح الفكرة، طور التطبيق إلى منظومة إلكترونية وعين الشاب فريق إداري لإدارتها وتطويرها والتسويق لها لكي يصبح مشروع رقمي متكامل.

هذا المثال يوضح جوهر الفرق بين ريادة الأعمال وإدارة الأعمال، وهو ما سنشرحه تفصيليًا في هذه المقالة. يمكن أن تتشابه ريادة الأعمال وإدارة الأعمال في اللفظ والأحرف وربما المهارات القيادية المطلوبة. ولكن هذا لا يعني أنهما نفس الشيء!

ففي المثال الذي قدمته لك، الشاب المبرمج صاحب الفكرة الرائعة الذي تحمل مسؤولية تنفيذها وتكاليفها هو رائد الأعمال. أما المدير الإداري الذي وظفه الشاب مع باقي الفريق لإدارة المشروع بعد نجاحه لضمان استمرار النجاح وتطور المشروع هو مدير الأعمال، الفارق كبير!

الفرق بين ريادة الأعمال وإدارة الأعمال

تشير ريادة الأعمال إلى إنشاء مشروع جديد ينطلق من فكرة مميزة وإبداعية ومدروسة. إضافةً إلى تحمل مسؤولية تنفيذ الفكرة وتحويلها إلى مشروع حقيقي قائم بهدف الربح المباشر عادة أو غير المباشر. ورغم أن هذا المصطلح يستخدم في عالم الشركات والأعمال أو البيزنس (Business)؛ فهو يشير أيضًا إلى تأسيس أو بناء الأعمال على الإنترنت.

أما إدارة الأعمال فهي مهنة أو وظيفة يحتاجها أي مشروع، سواء كان رقمي أو فيزيائي. وهي تشير تحديدًا إلى مهام إدارة التخطيط الاستراتيجي، وإنشاء الخطة المناسبة لتحقيق أهداف المشروع، والإشراف على تنفيذ هذه الخطة من قِبل المسؤولين عن كل دور فيها. وعادةً في المشروعات الرقمية يكون صاحب العمل هو نفسه مدير العمل.

 المهام

يعمل رائد الأعمال على تحديد الفرص وتحليل السوق واحتياجاته. وذلك لاكتشاف الفجوات والتوصل إلى أفكار لتلبية هذه الاحتياجات. ومن ثم يعمل على تطوير هذه الأفكار وتحويلها إلى مشاريع قابلة للتنفيذ. ذلك من خلال وضع خطط عمل واضحة وتحديد الأهداف والموارد اللازمة لتحقيقها. ولا يقتصر دوره على التخطيط فقط، بل يتحمل أيضًا المخاطر ويتخذ القرارات الاستراتيجية التي تؤثر في مسار المشروع.

يعمل رائد الأعمال أيضًا على إدارة الموارد المالية بفعالية لضمان استدامة المشروع. وجدير بالذكر أن هناك العديد من المشاريع الرقمية التي يمكن البدء فيها دون الحاجة إلى رأس مال أو تمويل مبدئي. لكن يتطلب ذلك بعض المهارات اللازمة لتطوير منتجات رقمية وبيعها مباشرةً على سبيل المثال.

كذلك لا يغفل عن التفاعل مع العملاء وبناء علاقات قوية لفهم احتياجاتهم وتقديم حلول تلبي توقعاتهم. فهو يهدف إلى بناء علاقات طويلة الأمد تعزز من سمعة المشروع. كما يتعين عليه التكيف مع التغيرات ومواكبة التطورات التكنولوجية في السوق وتكييف استراتيجياته لتلبية هذه التغيرات وتحقيق ميزة تنافسية.

أما مدير الأعمال، أو المدير التنفيذي، فهو مسئول عن التخطيط الاستراتيجي للمشروع من خلال تحديد أهداف ذكية وجدولة المهام المطلوبة لتحقيقها. كما يشرف على إدارة العمليات اليومية لضمان سير العمل بكفاءة، إلى جانب إدارة الموارد المالية وتوظيفها لتحقيق الأهداف. ويشمل دوره أيضًا إدارة الموارد البشرية عبر التوظيف والتدريب والتقييم.

ويتولى المدير أيضًا مهام التحليل والرقابة على الأداء العام. ذلك لوضع استراتيجيات للتحسين، إلى جانب إدارة التغيير لمواكبة تطورات السوق وتوجيه الفريق للتكيف معها. وأخيرًا، يتولى المدير مهام تشجيع موظفيه وتحفيزهم على الابتكار والتحسين المستمر لتعزيز الأداء ونمو المؤسسة.

اتخاذ القرارات

رائد الأعمال هو صاحب المشروع. وهو الذي يتحمل مسؤولية اتخاذ جميع القرارات. وغير مضطر إلى تقديم التقارير إلى أي أحد. ولكن مع ذلك لكي يكون قائدًا ناجحًا؛ عليه أن يطلب المشورة من الموظفين أو الشركاء أو حتى رواد أعمال آخرين لأخذ أفكار جديدة أو لتحسين استراتيجيته. لكن في النهاية، هو المسؤول عن جميع جوانب العمل.

أما مدير الأعمال فهو موظف داخل الشركة. ويشغل منصب قيادي لكنه لا يمتلك الشركة. يخطط ويشرف ويتابع، ولكنه يُقدم تقارير إلى صاحب المشروع. وربما يحصل على بعض الصلاحيات التي تُمكنه من اتخاذ القرارات المصيرية للمشروع. ولكن يظل ذلك في إطار مُحدد طبقًا لما يراه صاحب العمل

حجم المسؤولية وخطورتها

يتحمل رائد الأعمال عبء المخاطر المالية للشركة. وربما يضطر أحيانًا لتمويل الشركة من ماله الخاص حتى تتجاوز الشركة أزمتها وتواجه تحدياتها وتنمو. وحينها يستكمل مسؤوليته في إدخار دخل احتياطي مستقبلي تحسبًا لأي أزمات مالية.

أما مدير الأعمال، فهو غير مُلزم بتحمل أي أعباء مالية، لأنها تخرج ضمن نطاق مسؤولياته التي يتقاضى عليها راتبه. لكن من ناحية أخرى، فإنه مسؤول عن إدارة الموارد وتوظيف استخدامها وتقديم تقارير لصاحب الشركة. وكما ذكرت لن يضطر أبدًا إلى تمويل المشروع أو الإنفاق عليه من ماله الخاص مهما تفاقمت الأزمات. لكن الخطر الوحيد الذي يُمكن أن يواجهه مدير المشروع إن فشل في مهامه؛ هو الرفد أو انتهاء عمله مع إفلاس الشركة مثلًا. لذا عليه أن يحرص على موارد الشركة ويحسن استخدامها. 

المكافآت

يحصد رائد الأعمال أرباحه مع نجاح المشروع. وله حرية إدخارها أو إعادة استثمارها لتكبير المشروع أو صرف مكافآت للموظفين لتشجيعهم على مواصلة السعي والاجتهاد، وهذا ما يفعله أغلب رواد الأعمال ليضمنوا استمرار نجاح مؤسستهم. أما مدير الأعمال الدؤوب صاحب الدور الجوهري في نجاح المشروع وحصد الأرباح؛ فهو بالنهاية موظف يتقاضى راتبه الثابت وربما معه مكافأة أو حافز أو أرباح سنوية نظير نجاحه وتحقيقه للمستهدفات بكفاءة. 

الابتكار

رائد الأعمال هو المبتكر الأول في المشروع. هو صاحب الفكرة المميزة ومورد المزيد من الأفكار لتطوير المنتجات والخدمات وربما طرق التسويق المختلفة وجذب الجمهور! يثق بعقله المدبر، الذي يمكنه من اكتشاف أي فرص دفينة يجهل عنها الكثيرون، ويستغلها لصالح مشروعه، ويسعى دومًا لحماية أفكاره من المنافسين. 

أما مدير المشروع، فإنه يستلم الأفكار من رائد العمل ويدرسها وربما يناقشه فيها لمصلحة العمل. يطور استراتيجيته وفق هذه الأفكار ويوجه الموظفين للعمل معًا لتحويل الأفكار إلى نتائج ملموسة. وبالرغم أنه جهة تنفيذية؛ فإنه قادر على المشاركة في العصف الذهني مع رائد الأعمال لتوليد الأفكار التسويقية وحل المشكلات.

رائد الأعمال الموهوب لا ينفرد بوضع الأفكار، بل يدعو موظفيه ويُحفزهم دائمًا للإبداع والخروج بأفكار جديدة لصالح المشروع.

المهارات

يشترك رائد الأعمال والمدير في عدة مهارات ضرورية لسير العمل طبقًا لمهام كل منهما. فيجب أن يمتلك كلاهما مهارة القيادة، وحسن التواصل، والتفكير الاستراتيجي، واستراتيجيات حل المشكلات المختلفة، والتحليل. أما عن المهارات التي ينفرد فيها رائد الأعمال فهي الشجاعة، والاستقلالية، ومسؤولية تحمل المخاطر. ولذا عزيزي المثابر قد ترى مهارات ريادة الأعمال بداخل كل مستقل، فالتطوير الطبيعي للمستقلين هو بناء وتأسيس المشروعات الرقمية. 

ومع انتشار المشروعات الرقمية في الفترة الأخيرة، ازدادت المنافسة على الأفكار المميزة التي لها القدرة على النجاح والمنافسة. لذا على رواد الأعمال تطوير مهاراتهم والتدرب على كيفية استخراج الفكرة الرابحة. لأن الأفكار التقليدية احترقت وتزاحم منافسيها في السوق وانخفضت معدلات الربح، أما الفكرة الجديدة المميزة فلا شك أن لها النصيب الأكبر في التألق. 

لذلك كن مثابرًا واحرص على اكتساب المزيد من المهارات؛ سواء مهارات إدارية، أو مهارات تقنية. فهي الأساس الأول الذي يمكنك البناء عليه لتأسيس مشروعك الرقمي؛ حينها ستستحق لقب «رائد أعمال» عن جدارة!