عرف الناس مفهوم التسويق مع ظهور الإنترنت، وتفجر فعليًا مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن هل هذا أول عهد التسويق؟ لا، الحقيقة أن التسويق ظهر منذ آلاف السنين قبل ظهور علم التسويق نفسه، ظهر في السلوكيات التسويقية والمهارات البيعية في الأسواق القديمة منذ عرف الناس التجارة.
أما علم التسويق، ظهر في القرن العشرين ودُرِّس في الجامعات. وبدأ المسوقين استغلال كل القنوات المتاحة التي يمكن الوصول إلى الجمهور. ومع هذا التطور، ظهرت أنواع التسويق، حيث بدأت بالتسويق التقليدي إلى أن وصل إلى التسويق الرقمي. فما الفرق بينهما؟ هذا ما نحن بصدد الحديث عنه اليوم في مقالتنا؛ فكن معنا!
ما هو التسويق التقليدي؟
في الحقيقة التسويق التقليدي هو غير تقليدي بالمرة، ولكن سُمي بهذا الاسم عندما ظهر التسويق الرقمي. لأن حصته في التكنولوجيا كانت أكبر، عوضًا على الانتشار وتحقيق الأهداف أسرع. لم يكن المسوقين في العقود الماضية تقليديين بالمرة، إذ استخدموا كل القنوات المتاحة (الأوف لاين) للوصول إلى الجمهور المستهدف وتحقيق الأهداف التسويقية للعملاء. ومن القنوات التي استخدموها في التسويق التقليدي:
- الإعلانات المطبوعة
- اللافتات الإعلانية
- الصحف والمجلات
- الإذاعة والتليفزيون
- الترويج المباشر (وجهًا لوجه)
على عكس التسويق الرقمي، فإن التسويق التقليدي نادرًا ما يتضمن اتصالًا تفاعليًا مع الجمهور. فهو خطاب موجه إليهم يسير في اتجاه واحد، ولا يمكنهم الرد أو التفاعل. ذلك لأن أغلب قنواته تعتمد على إرسال الخطابات الإعلانية بشكل واسع عبر وسائل إعلامية عامة. وهي واحدة من نقاط الضعف الكبرى للتسويق التقليدي عند مقارنته بالتسويق الرقمي.
ما هو التسويق الرقمي؟
التسويق الرقمي هو استخدام كل المنصات والقنوات والتقنيات الرقمية للوصول إلى الجمهور المستهدف وتحقيق الأهداف التسويقية. والتي تتمثل في الترويج للمنتجات والخدمات وزيادة الوعي بالعلامة التجارية. ومن أشهر وسائل أو أنواع التسويق الرقمي هي:
- التسويق بالمحتوى (نشر محتوى تسويقي سواء نصي أو مرئي أو كلاهما معًا وهو الطبيعي).
- الحملات التسويقية على البريد الإلكتروني.
- تحسين نتائج محركات البحث SEO (تحسين أداء صفحات الويب لتحسين ظهورها على محركات البحث).
- إعلانات الدفع مقابل النقرة PPC ads (هو نوع تدفع فيه فقط عندما يضغط شخص على إعلانك، وليس لمجرد ظهوره).
- التسويق على منصات التواصل الاجتماعي.
كلها وسائل مختلفة للوصول إلى الجمهور أينما يوجد. ويمكن الجمع بين أكثر من وسيلة على حسب السوق والجمهور المستهدفين. فهي استراتيجيات تسويقية يجمعها هدف عام واحد، وتتجزأ الأهداف المصغرة وتتنوع حسب المنصة المختارة. وفي النهاية، كلها طرق تصل العلامة التجارية بالجمهور لتعزيز الوعي بها وتفاعل الناس معها ومن ثم زيادة التحويل والولاء.
الفرق بين التسويق الرقمي والتقليدي
ربما تتشابه الأهداف وحتى أغلب المفاهيم الفنية بين التسويق الرقمي والتسويق التقليدي. لكن تظل هناك نقاط محورية تجعل التسويق الرقمي يتصدر اهتمامات الجميع في 2025. خاصةً في المشروعات الرقمية التي يهتم بها المثابرون!
وسط الاتصال بين العلامة التجارية والجمهور المستهدف
يستخدم التسويق الرقمي أي وسائط رقمية مثل المواقع الإلكترونية ومحركات البحث بأنواعها. بالإضافة أيضًا إلى مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف الذكي والبريد الإلكتروني لتوصيل رسائل محددة إلى الجمهور المستهدف.
أما التسويق التقليدي فيستخدم القنوات أو الطرق التي لا تتصل بالإنترنت (الأوف لاين Offline). مثل التلفزيون والراديو والمجلات والصحف واللافتات الإعلانية. وحتى إرسال البريد المباشر أو الخطابة المباشرة للإعلان عن خدمات أو منتجات علامة تجارية معينة للجمهور الذي يستخدم أو يتعرض لهذه الطرق.
الجدوى الاقتصادية (كفاءة التكلفة)
تقدم المنصات الرقمية خيارت مرنة وعديدة لتكاليف الإعلانات. فليس من الضرورة أن تدفع مبالغ باهظة مرة واحدة، يمكنك أن تبدأ بأرقام صغيرة وتقيس نجاح حملاتك، ويمكنك بعدها تعديل التكاليف والمدفوعات أثناء فترة نشاط الحملات. وهناك ممارسات تسويقية رقمية قد لا تحتاج إلى أي تكلفة أصلًا إذا كنت تمتلك الموهبة والمهارة. وذلك مثل تحسين محركات البحث على الموقع أو التسويق بالمحتوى.
على النقيض، يفتقر التسويق التقليدي هذه المرونة في التكاليف الإعلانية. حيث عادة ما يفرض تكاليف أولية مرتفعة في البداية وثابتة. وهذا يمكن أن يتعارض مع أهداف وحالة العلامة التجارية. ذلك لأن أغلب أنشطته تعتمد على مجهودات بدنية كبيرة وتتطلب فرق ضخمة من المسوقين أو المندوبين. أما المحتوى التسويقي؛ فإن قنوات عرضه هنا تشمل المحطات الإذاعية التلفزيونية والصحفية التي تتطلب عادةً مبالغ باهظة.
الاستهداف والقابلية للتخصيص
يتيح التسويق الرقمي استهداف الجمهور المناسب بمنتهى الدقة. فهناك خدمات أو منتجات مستهلكيها عادة ما يستخدموا الفيس بوك أو انستقرام أو تيك توك. وهناك جمهور مستهدف يوجد أكثر على لينكد إن أو X. وهناك من يستخدم محركات البحث، وكل جمهور له سلوكيات معينة وطرقه الخاصة في البحث عن المنتج. لذلك فإن التسويق الرقمي ومنصاته قابلة لفلترة الجمهور إلى الفئة المحددة بالضبط التي تخدم الهدف.
أما التسويق التقليدي فقنواته عامة، فالتلفاز أو الراديو يشاهده مختلف الفئات والأعمار في مختلف الأوقات. ومن الصعب استهداف الشريحة المطلوبة بدقة والتي وحدها يمكن أن تشتري منتجك مثلًا، لذلك فإن هذا الأمر يؤثر في نسبة التحويل والجهود والتكاليف المهدرة.
التفاعل مع الجمهور
كما قلت لك من قبل، فإن منصات التسويق الرقمية تتيح للجمهور استعراض الإعلانات والتفاعل معها. مع توصيل آرائهم وشكواهم والتفاعل مع المحتوى بطرق عديدة.وهو ما تتيح للمسوقين ولأصحاب العلامات التجارية تحسين جودة الخدمة؛ وكذلك تعديل استراتيجتهم التسويقية لتخدم الجمهور أكثر.
أما التسويق التقليدي فهي رسالة تسير في اتجاه واحد، الجمهور فيها مستقبل فقط، لا يمكنه التواصل مع أصحاب العلامة التجارية والمشرفين عليها بسهولة.
التحليل وقياس الأداء
تعتمد أغلب أنشطة التسويق الرقمي على أدوات ومنصات تخدم احتياجات المسوقين. وأهمها هي الأدوات الوجهة إلى تحليل البيانات، مثل Google Analytics وGoogle Search Console وMeta Ads Manager، وغيرها من الأدوات التحليلية التي تُعد عنصرًا أساسيًا في مختلف المنصات المستخدمة بالتسويق الرقمي. وتأتي أهمية هذه الأدوات في تتبع أداء الحملات التسويقية بدقة، وتحليل سلوك الجمهور وتحديد درجة تفاعله مع الخدمات والإعلانات.
أما قنوات التسويق التقليدي؛ فهي لا تتيح تفاعل الجمهور مع المسوقين. ولذا لا يمكنها قياس أداء الحملات الإعلانية وسلوك الجمهور تجاهها. ولا يمكنها أيضًا تقديم معلومات تفيد العلامة التجارية في تحسين أدائها للوصول إلى الجمهور. وقد يتطلب الحصول على هذه البيانات استطلاعات رأي موسعة قد تحتاج بدورها إلى المزيد من التكاليف.
الوصول
مع انتشار الإنترنت، أصبحت الجماهير باختلاف شرائحها في مكان واحد. يمكنك استهداف فئتك واختيارها من بين بلايين المستخدمين! فكل الناس على أجهزتها الذكية تتصفح وتستعرض المنشورات والإعلانات والمحتوى الرقمي. يمكنك الوصول إليهم بسهولة وبسرعة دون أن يسقط منك أحد.
أما الوسائل التقليدية المحلية تصلك بجمهورك المحلي وتحجب عنك الكثيرين من العملاء المحتملين، ما يضيع عليك الكثير من الفرص. ولا عجب أن أغلب المسوقين التقليديين -إن لم يمكن جميعهم- يتجهون حاليًا إلى أنشطة التسويق الرقمي بالتوازي مع حملاتهم التقليدية.
التنوع والإبداع
مع تطور المنصات الرقمية؛ أصبح للإبداع مكان أكبر. ظهر ذلك على تنوع أشكال المحتوى المقدم إلى الجمهور ليناسب سيكولوجيتهم وممارساتهم على الإنترنت. خاصةً المحتوى البصري الذي يقود المشهد التسويقي الرقمي حاليًا. وكل هذه فرص مقدمة إلى مستخدمي التسويق الرقمي وتخدم أهدافهم، على عكس المحدودية التي يعاني منها التسويق الرقمي في محتواه المعروض على قنوات معينة لا تقبل إلا هذا الشكل.
عزيزي المثابر، في العقود الماضية لم يكن التسويق بهذه الجدوى والفاعلية لمحدودية وصوله إلى الجمهور. أما الآن، فالتسويق الرقمي لم يعد خيارًا أو رفاهيةً؛ بل هو وسيلة رئيسية ومباشرة ليصل أي صاحب مشروع رقمي إلى جمهوره.