المدونات في عام 2025: هل ما زالت تستحق العناء؟

المدونات في عام 2025
المدونات في عام 2025

كيف حال المثابر اليوم؟ جاهز ليتعرف على طرق موثوقة لتحقيق الدخل من التدوين من تجارب واقعية؟ جميل، اترك كل ما يشغلك الآن عزيزي المثابر وتعال أُخبرك خلاصة تجاربي في عالم المدونات وتحقيق الدخل منها.

لنبدأ مع نضال؛ نضال شاب مبدع يحب مشاركة خبراته وتجاربه مع الآخرين، وقد وجد في التدوين وسيلة جيدة لممارسة شغفه، لكن الذي أثار العاصفة في ذهنه هو اكتشافه إمكانية تحقيق الدخل من المدونة! لكن ما هي المدونة؟

ما هي المدونات؟

المدونة موقع أو صفحة ويب تقدم محتوى مكتوبا بأسلوب غير رسمي، ولهذا تعد خيارًا مناسبًا لمن يحبون مشاركة شغفهم مع الآخرين بشكل دافئ، تماما مثل نضال. 

ما أنواع المدونات؟

يمكننا تقسيم المدونات إلى قسمين رئيسيين:

  • المدونات المتخصصة: تهتم بمشاركة محتوى في مجال واحد كالسفر، الصحة، العمل الحر، التقنية، وغيرها. 
  • المدونات الشاملة: تقدم محتوى في عدة مجالات مختلفة. 

عندما فكر نضال في إنشاء مدونته لم يجد صعوبة في تحديد مجالها، فقد كان هدفه مشاركة ما تعلمه مع الآخرين

تظن أنك لابد أن تكون مختصًا لتنشئ مدونةً مثله؟ لا ليس ذلك شرطًا، يمكنك البحث في مصادر موثوقة للكتابة عن موضوع يثير اهتمامك فتتعلم وتُعَلِّم غيرك. الأهم في القصة هو وجود الشغف، ثم استخدام المدونة كوسيلة لمشاركته. 

مهلًا، ثمة ما يجب أن نضع تحته خطا أحمر هنا: المدونة وسيلة وليست هدفًا!

إنه سر من أسرار المدونين وصناع المحتوى الناجحين، فالانطلاق من هذا المفهوم سيجعل لمدونتك بصمة خاصة، ولمقالاتك روحا تخترق القلوب، ما يعزز وفاء القراء ويساعدك في الانتشار، ومن ثمّ تستطيع تحقيق الدخل. نعم، الدخل الذي أشعل المصباح في دماغ نضال! 

المدونات..عمل ومثابرة!

في الواقع، لم يتفاجأ نضال من إمكانية تحقيق الدخل من المدونة فقد قرأ عن الموضوع من قبل، إنما تفاجأ عندما تعرف على تفاصيل لم يكن يعرفها جعلته يؤمن بإمكانية أن تصبح المدونة عملًا جادًا يُحقق الدخل حقًا! نعم، لم يكن يؤمن بذلك، لأنه ببساطة جرب ولم ينجح.

قرر نضال هذه المرة أن يبحث في الموضوع باحترافية أكبر، فاختار البحث عن تجارب مدونين يقدمون معطيات تثبت نجاحهم، وقد كانت «ميشال شرودر جاردنر» واحدة منهم. 

تتحدث ميشيل في معظم مقالاتها عن تحقيق 5 ملايين دولار منذ افتتاح مدونتها (Making Sense of Cents)، وتشارك خبرتها وتجاربها بتفاصيل قد تبدو بسيطة لكنها الأساس في صنع الفارق بينها وبين نضال.

لكن انتبه عزيزي المثابر، أغلب المصادر الموجودة على الإنترنت تتحدث عن أساليب وممارسات قديمة لم تعد مناسبةً لعصر السرعة والذكاء الاصطناعي.

فعلى سبيل المثال، قد يظن البعض أن تحقيق الدخل من المدونات يعتمد بشكل أساسي على إعلانات جوجل أدسنس Adsense. لكن شخصيًا لا أفضله كونه يتضمن شروطا مزعجة بالنسبة لي، كفرض حد أدنى من عدد الزوار لقبولك في البرنامج، وهو ما قد يؤثر سلبا على جودة المحتوى أو يؤخر فرص تحقيق الدخل.

هذا النهج يكون مصحوبًا بالتسويق للمدونة عن طريق تحسين محركات البحث (SEO)، لضمان أكبر عدد من الزيارات لتحقيق مبالغ مالية من مشاهدات الإعلانات. ولكن يأتي ذلك على حساب جودة المحتوى، فالمحتوى المنشور ليس مُوجهًا لإفادة الجمهور، لكنه يصبح شيئًا فشيئًا موجهًا إلى خوارزميات جوجل في تحسين ترتيب المدونة بين نتائج البحث.

ولهذا، توصل نضال إلى توجه جديد منتشر هذه الأيام. فمع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وازدحام الإنترنت بالمحتوى المُولد بهذه التقنيات، أصبح هناك حاجة إلى المحتوى البشري؛ المحتوى الذي يُخاطب مشاعر القراء ويلمس احتياجاتهم ونقاط آلامهم. وهنا يظهر أهم الأساليب التي يجب أن تتبعها في مدونتك!

بناء هوية وعلامة تجارية شخصية

هذا هو هدفك الأول! اكتب محتوى جذاب ومؤثر يُخاطب مشاعر القراء. ارتبط بجمهورك، وشاركهم تجارب شخصية. أنت تسعى هنا أن يصبح كل قارئ صديقًا لك، يثق في كتاباتك وآرائك. وذلك من خلال الالتزام بالدقة والبحث والدراسات الاستقصائية قبل كتابة أي قطعة من المحتوى على المدونة.

بذلك الأسلوب تُثبت نفسك في مجال مدونتك كخبير مُتخصص، بل استشاري أيضًا يلجأ إليه الجمهور لاستشارته في مختلف الموضوعات التي تتخصص بمجال المدونة. ولكن احرص عزيزي المثابر على الصورة التي تظهر بها مدونتك للجمهور، أو ما يُعرف بصورة العلامة التجارية (Brand Image). نعم، أنت الآن تُدير بيزنس على الإنترنت، ويجب أن تهتم بهذه التفاصيل.

لذا رأى نضال أنه من الضروري بناء مدونته على نظام الووردبريس، حيث تظهر المدونة بصورة احترافية. كما أدرك أيضًا أهمية إنشاء صفحة هبوط أو موقع تعريفي يُبرز هويته وخبراته، ويكون مرتبطًا بالمدونة. وجد نضال موقع سنديان، وقرر استخدامه في أداء هذه المهمة. سنديان هي أداة إنشاء مواقع عن طريق السحب والإفلات، ويُمكنك استخدامها في بناء موقعك التعريفي بطريقة احترافية في أسرع وقت، ودون الحاجة إلى كتابة أكواد أو أي تعقيدات برمجية.

بناء مجتمع رقمي

هذه هي الخطوة الثانية التي أدرك نضال أهميتها بعد نجاحه في تحقيق الهدف الأول. احرص دائمًا على إنشاء مجتمع تفاعلي يضم جمهورك وقراء مدونتك. هذه من أحدث التوجهات التي يسعى إليها المُدونون حاليًا. فالمجتمع يُعزز من ولاء الجمهور؛ إذ يشعرون بالانتماء لهذا المجتمع الرقمي الذي أسسته بسحر كلماتك وبالقيمة التي تُضيفها للقارئ في كل قطعة محتوى.

يُمكنك تأسيس المجتمع على وسائل التواصل الاجتماعي، كما يُمكنك أن تُنشئ مجتمعك الرقمي الخاص وتربطه بمدونتك بطريقة احترافية، مثل مجتمع عرب ووردبريس مثلًا الذي يدور حول كل ما يخص نظام ووردبريس وكيفية استخدامه.

أدرك نضال إلى الكم الهائل من الفرص التي ستصبح متاحةً أمامه إذا نجح في تحقيق هذا الهدف أيضًا. فهو الآن عزز من وجودة الرقمي بهوية احترافية، ثم أثبت نفسه كخبير في أحد المجالات. والآن؛ أصبح لديه مجتمعًا يضم قاعدة جماهيرية مهتمة بكل ما يُقدمه وتثق في آرائه.

الآن، تعال معي لأخبرك المصادر المختلفة لتحقيق الدخل من المدونة.

كيف تصبح المدونة مصدرًا للدخل في 2025؟

الآن عزيزي المثابر، سيصبح لديك ثلاثة مصادر أساسية لتحقيق الدخل من مدونتك إذا نجحت في تحقيق الهدفين بالفقرة السابقة:

  • الترويج لمنتجات وخدمات الغير
  • الترويج لمنتجاتك وخدماتك الخاصة

الترويج لمنتجات وخدمات الغير

مدونتك الآن أصبحت كنزًا لكل من يرغب في التسويق الرقمي لخدماته ومنتجاته التي تتقاطع مع مجال المدونة. حيث ستنهال عليك العروض والشراكات مع المؤسسات التجارية التي ترغب في الترويج لمنتجاتها وخدماتها على مدونتك، وفي مجتمعك الرقمي الذي أسسته.

ذلك بالإضافة أيضًا إلى عروض كتابة المحتوى المدفوع والمراجعات. فهذا النوع من المحتوى يحتاج إلى شخص خبير في مجاله؛ شخص يثق فيه الجمهور حتى يقتنع بما يُسوق له. وهذا هو 

الترويج لمنتجاتك وخدماتك الخاصة

لابد أن تكون لك مؤسسة أو مصنع لتقوم بهذا صحيح؟ هذا ما ظنه نضال، لكنه خطأ فالأفق أوسع من هذا. المنتجات ليست مواد ملموسة بالضرورة، يمكن أن تقدم عدة منتجات رقمية أو أعمال عبر الأنترنت. وكما ذكرنا، ثقة الجمهور فيك وفي خبراتك ستجعلهم لا يترددون أن يُصبحوا عملاء لك ولكل ما تقدمه. فيما يلي نماذج من المنتجات الرقمية والخدمات التي يُمكن أن تبيعها:

دورات تعليمية في مجال تتقنه: نضال مثلا يتقن الكتابة بأسلوب جميل، ويتقن استخدام الباوربوينت والحديث أمام الجمهور. يمكنه إنشاء دورات مدفوعة في هذه المجالات ويروج لها داخل مدونته. 

كتب إلكترونية: لا تذهب بعيدا، خبرتك في تلك المجالات نفسها يمكنك تحويلها إلى كتب إلكترونية وبيعها عن طريق المدونة! 

قوالب جاهزة: قد تكون قوالب برمجية إن كنت تتقن البرمجة، أو قوالب باوربوينت، أو فيديوهات مصممة كخلفية للمونتاج، أو حتى مكتبة من الصور والأيقونات التي تُصممها فالعديد من الزبائن يحتاجون منتجات التصميم ليستخدموها في أعمالهم.

الاستشارات: بإمكانك تخصيص قسم تقدم فيه استشارات مدفوعة في المجال الذي تتقنه.

خدمات العمل الحر: نفس المهارات يمكنك تحويلها إلى خدمات مدفوعة ككتابة مقالات في المجال الذي تتقنه. ويُمكنك إيجاد الفرص على منصات العمل الحر كمنصة مستقل؛ إذ ستكون مدونتك الناجحة خير معرض أعمال بحسابك.

هناك وسائل أخرى مثل التسويق بالعمولة؛ أن تحصل على عمولة نظير شراء القارئ أحد المنتجات أو الخدمات المعروضة على مدونتك، ولكنه أسلوب قديم وغير رائج في مجتمعاتنا العربية على الإنترنت.

بالمناسبة، ألم تلاحظ شيئًا مشتركًا بين طرق تحقيق الدخل؟ ما تحدثنا عنه إلى الآن هو ما يمكنك وضعه داخل المدونة، لكنه بطبيعة الحال لن يحقق دخلًا دون زوار يشترون! 

مدونات دون تسويق..ممكن؟

المدونة هي مشروع قائم بذاته، ولذلك تحتاج إلى تنفيذ عدد من الأنشطة التسويقية الرقمية للترويج إلى مدونتك. وننوه هنا أيضًا إلى ضرورة بناء مجتمع وجمهور يثق في رؤيتك وكتاباتك على المدونة؛ وليُكن هذا الهدف عزيزي المُثابر هو أول أهدافك التسويقية للمدونة. فيما يلي أهم الأنشطة التي تجذب الزوار إلى مدونتك:

النشاط على منصات التواصل الاجتماعي

من خلال نشر مقتطفات من مقالاتك أو التفاعل في المجموعات. سيكون من الصعب أن تنشط على كل المنصات بشكل يومي، لذلك استخدم الجدولة لتنظيم وقتك. 

النشر المنتظم

لا يشترط أن تنشر يوميا فذلك سيؤثر غالبا على الشغف والجودة، يمكنك النشر مرة في الأسبوع مثلا كي لا ينسى القراء بأنك موجود، ويمكنك استغلال أوقات الصفاء لكتابة عدة مواضيع ثم برمجة نشرها لاحقا. 

القائمة البريدية

تعني فتح باب الاشتراك في المدونة أمام القراء للتسويق عن طريق البريد الإلكتروني، ما يعني تلقيهم رسائل بجديد المقالات والعروض التسويقية ومصادر التعلم الجيدة وحتى الهدايا! واعلم أن النشرات البريدية ضمن التوجهات التي تشهد رواجًا كبيرًا هذه الأيام.

التفاعل مع القراء

من خلال سؤالهم عن المواضيع التي يريدون قراءتها، أو فتح المجال للسؤال والاستشارات. يُعزز هذا من ثقتهم بك وارتباطهم بالمدونة.

تكوين شبكة علاقات مع مدونين آخرين

تخيل أن تسوق لمدونة زميلك ويسوق لمدونتك، أو تستضيفه ويستضيفك لكتابة مقال، كم سيعود هذا بالنفع على بعضكما؟

النظر إلى المدونين الآخرين بعين المنافسة نظرة تحرمك من خير كبير، سواء على مستوى التعريف بمدونتك، زيادة عدد المتابعين أو الاستفادة من تجارب الغير. 

اختيار عناوين جذابة للمقالات

لأنها أول ما يلفت انتباه الزوار ويثير فضولهم للاطلاع على مواضيع أخرى في مدونتك.

تحسين محركات البحث (SEO)

تتطلب تعلم استخدام بعض الأدوات التقنية داخل المدونة حتى تظهر المقالات في نتائج البحث، إضافة إلى تعلم قواعد كتابة السيو، ولكن احذر، اجعل الأولوية دائمًا لجودة المحتوى لا تُفسد المحتوى في سبيل السيو؛ فكما ذكرنا، العالم يتغير!

خرافات عن المدونات

التدوين طريق للثراء السريع: خطأ! قد تستغرق 6 أشهر أو سنة لتجني أولى دخل لك منه. كن مثابرًا!

التدوين سهل: خطأ! هي رحلة صعبة قليلا في البداية تحتاج منك الجدية والإتقان والصبر لبناء أساس قوي يجعلك ناجحا فيما بعد.

التدوين لا يحتاج إلى علم: خطأ! أهم خطوة في نجاح ميشيل كانت التعلم المستمر لمواكبة التغييرات في مجال التدوين.

الفشل يعني أن المجال فاشل: خطأ! كثيرا ما فشلت ميشيل في بداياتها، لكنها كانت تتعلم من التجربة والخطأ لتصل إلى نجاحها الحالي.. نضال فشل في تجربته الأولى، لكنه الآن تعلم من أخطائه لينطلق بقوة وثبات.

مستقبل المدونات

مع ازدهار منصات التواصل الاجتماعي خاصةً تيك توك TikTok، ظن نضال أن المستقبل لن يكون في صالح التدوين! بل إنه في طريقه إلى الاندثار أمام محتوى الفيديو القصير، ومحتوى البودكاست، ومنشورات التواصل الاجتماعي.

لكن الحقيقة غير ذلك عزيزي المثابر؛ إذ تبدأ تجربة أغلب مستخدمي الإنترنت من «محرك البحث»، والذي غالبًا ما يُعطي نتائج من المدونات. لكن أوافقك الرأي جزئيًا! المحتوى الطويل فعلًا لا يتماشى مع عصر السرعة. لذا يُمكنك النجاح في التدوين إذا واكبت التطور. اكتب محتوى قصير ومُختصر وغني بالمعلومات، ولا تُطيل على القارئ حتى لا يمل منك.

واحرص دائمًا على اللمسة الإنسانية في كتاباتك، حتى يصبح محتواك مُميزًا عن محتوى الذكاء الاصطناعي الذي أغرق الإنترنت! لكن استخدم الذكاء الاصطناعي واستعن به في التحليل والتلخيص وتحسين المحتوى حتى تصبح دائمًا في المقدمة. ولا تقلق عزيزي المثابر، المدونات لم تموت وما زالت هناك فرص عديدة لتحقيق الدخل منها كما وضحنا بالأعلى.

التدوين مجال واسع ويُمكن أن يكون مصدرًا لتحقيق الدخل إذا التزمت بالتعلم المستمر والتطبيق المُمنهج للخطوات. بالمناسبة، لابد أن نتحدث عن الخطوات العملية لإنشاء المدونة، دعنا نكتفي اليوم بما تعلمناه ولنترك هذا لموضوع قادم.