الإدارة الاستراتيجية: تعرف على فن قراءة المستقبل!

الإدارة الاستراتيجية
الإدارة الاستراتيجية

المدير الذي يتمتع بمهارات استراتيجية هو حجر الأساس لأي مشروع ناجح. فمهما كان المشروع مليئًا بالكفاءات وصاحبها قادر على دعمها ماديًا وتوفير احتياجات بيئة العمل لكي ينجح مشروعه. سينجح فقط إذا كان المدير يعرف كيف يعمل على الوجه الصحيح ويدير استراتيجيات مشروعه. فالمشاريع تواجه العديد من التحديات والمؤثرات الخارجية التي تُهدد النجاح، والتي تحتاج إلى استراتيجيات محكمة تتنبأ بوقوعها وتضع الخطط المختلفة للتغلب عليها.

في هذا المقال، سنتحدث عن مفهوم الإدارة الاستراتيجية في إدارة المشاريع وأهم سماتها. فهي واحدة من أبرز المفاهيم التي يجب أن يفهمها ويتقنها كل صاحب مشروع رقمي على الإنترنت.

ما هي الإدارة الاستراتيجية

الإدارة الاستراتيجية هي أن تحدد الأهداف (طويلة المدى) المؤسسة التي تعمل بها. وأن تضع الخطط وتتخذ القرارات التي تضمن تحقيق هذه الأهداف. مع مراقبة البيئة الداخلية والخارجية للتكيف مع التغيرات وضمان الاستمرار والنجاح. هل تتذكر التفكير الاستراتيجي الذي حدثتك عنه من قبل، فهي أهم سمة في المدير الذي يتبع الإدارة الاستراتيجية.

أهمية الإدارة الاستراتيجية

تخيل أنك تُبحر بسفينة في محيط واسع مليء بالتحديات والفرص واحتمالية وجود عواصف مفاجئة. الإدارة الاستراتيجية هي بوصلتك التي تخبرك أين يجب أن تتوجه بالسفينة، والخريطة التي ترسم بها المسارات تحسبًا لأي ظروف طارئة. لذا فهي عقلك المدبر الذي لا يكتفي بتوقع الطقس، بل يجهز كل الحلول لتفادي مخاطر هذا الطقس. فإذا كنت تدير مشروعك بطريقة استراتيجية، ستصبح جاهزًا لمواجهة أي عقبات يمكن أن تواجهك.

إنها ليست مجرد خطط تُكتب وتضعها في الأدراج، بل هي رؤية عميقة تنظر إلى مشروعك على المدى الطويل. وتختار الخطوات المناسبة التي تجعل الإنجازات مسألة وقت، دون النظر إلى أي عقبات مستقبلية. فهي فن قراءة المستقبل وتوقع الأسوأ. ذلك لوضع الخطط بعين على الغد وتحدياته،مع الفهم الدقيق لمواردك ومنافسيك وجمهورك المستهدف؛ لتسبق بخطوة...أو بعشرة!

سمات الإدارة الاستراتيجية

ليس هناك وصفة سحرية لتتعلم الإدارة الاستراتيجية. فهي كعادة المهارات الإدارية تحتاج إلى الخبرة والممارسة عبر الانخراط في العمل الإداري. لكن أستطيع أن أخبرك بأهم السمات التي تُميز هذا النوع من الإدارة من واقع خبرتي الطويلة في إدارة المشاريع.

القدرة على التخطيط طويل المدى

ما يميز الاستراتيجية عن الخطة هو المدة الأطول. لذلك من البديهي أن يتسم المدير الاستراتيجي بقدرته على التخطيط لما هو قادم على مدار سنوات طويلة. ويتمكن من وضع أهداف طويلة المدى وتجزيئها إلى أهداف مصغرة على مدى أقصر فأقصر. كذلك يمكنه توقع التحديات في المستقبل والحلول التي تناسبها على هذا الإطار الزمني. فيجب أن يمتلك رؤية مستقبلية ونظرة بعيدة.

مشاركة الإدارة العليا وأصحاب المصلحة

أن يشارك المدير الاستراتيجي القادة في الشركة في تحديد رؤية الشركة واتجاه العمل وتحمل قرارات الشركة الكبيرة. كذلك يجب أن يكون مبادرًا ويشارك أصحاب المصلحة والمتأثرين بقرارات الشركة في إبداء الرأي والعصف الذهني. ذلك للخروج بحلول أكثر ووجهات نظر متنوعة تفيد في اتخاذ القرار الأصلح.

المرونة والتكيف

واحدة من أهم سمات الإدارة الاستراتيجية هي القدرة على التكيف مع التغيرات المفاجئة في البيئة الخارجية. مثل التغيرات في السوق، أو في المنافسين، أو أي تغيرات اقتصادية أو سياسية تهدد سير العمل في المستقبل. فهي ليست خطة جامدة، بل إطار قابل للتعديل حسب الحاجة.

عملية مستمرة 

الإدارة الاستراتيجية ليست محطة، بل هي الطريق الذي يسير فيه قطار العمل. فلن يؤسسها المدير مرة وينتهي، بل يستمر في التفكير بمبادئها وتطويع الاستراتيجية مرارًا حتى يحقق أهدافه قصيرة المدى وطويلة المدى. فهي أسلوب حياة العمل والإطار الذي يسير فيه الجميع. 

النظرة الشاملة

يجب على المدير الاستراتيجي ألا يترك ثغرة أو زاوية لا ينظر منها. فكم من زوايا خفية كانت هي نقطة التحول، لذلك يجب أن ينظر المدير الاستراتيجي إلا أدق التفاصيل. بل يجب أن يحلل هذه التفاصيل أيضًا ويفهم ملابساتها وكيف يمكن أن تؤثر على المشروع. بهذه النظرة التحليلية يتمكن المدير من وضع الاستراتيجيات التي تستغل أي فرص وتتغلب على أي تحديات تمر على المشروع في المستقبل.

إبراز الميزة التنافسية

أهم نقطة فيصلية في أي علامة تجارية أو شركة هي الميزة التنافسية. وإن لم يعرف المدير ما هي مزايا شركته التي تميزه عن غيره حتمًا لن يستطيع تقديم شركته للسوق أو الجمهور. لأننا نتعامل مع بعضنا بالقيمة التي يقدمها كلًا منا إلى الآخر. فلا أهتم بمن أنت ولا بسنوات خبرتك ولا مهاراتك، قدر اهتمامي بالقيمة المميزة التي ستقدمها لي أنت بالذات دونًا عن غيرك. لذلك يجب على المدير إبراز هذه الميزات والعمل على زيادتها وتعزيزها. مع توعية كل أعضاء السوق من جمهور ومنافسين بها، عوضًا على حمايتها من السرقة والتقليد. 

القدرة على استنباط الأمور الخفية

ليست كل الأمور والقضايا قابلة للقراءة والاكتشاف، هناك أمور بين السطور يجب على المدير الاستراتيجي اكتشافها وقراءتها حتى وإن لم يراها من حوله. وهنا يكمن حل اللغز؛ إذ تعتمد هذه القدرة على خبرته في التفكير الاستراتيجي والفحص والتدقيق والتحليل والانخراط في العمل وجوانبه. 

توزيع الموارد

هذه النقطة من أهم النقاط الفيصلية التي تميز المدير الاستراتيجي. فأي شركة لها موارد بشرية ومالية وخدمية ومادية وغيرها. والمدير الاستراتيجي الحق هو من يستطيع تحديد الوجهة ومن ثم تحديد الموارد المناسبة وأوجه استغلالها وكيفية التعامل معها بحذر لكي لا تهدر دون أن تحقق غايتها ووظيفتها ودورها في الوصول إلى الهدف.

التحرك بناءً على الهدف

أي استراتيجية معولة على أهداف ذكية واضحة، فلن يتحرك الفريق ولا المدير خطوة واحدة دون أن يحدد وجهته. لن ينطلق في تنفيذ أي خطة إلا وهو يعلم أين يذهب وكيف يذهب ومتى يصل. فالنجاح يبدأ من التحرك نحو الهدف الواضح.

الإدارة الاستراتيجية ليست مجرد أداة تخطيط، بل أسلوب تفكير شامل يدير المؤسسة بعقلية واعية للمستقبل. تكمن قوتها في قدرتها على تحويل الرؤية إلى خطوات قابلة للتنفيذ. مع الحفاظ على مرونة تسمح بالتكيف مع التغيرات السريعة التي تطرأ على أي مشروع. وهو ما يجعل المشروع أكثر قدرةً على التميز والنمو لا لمجرد البقاء؛ بل للريادة.