اعتدنا قراءة مسمى استراتيجية القبعات الست في مجال التعليم والتدريس. وإذا كان الهدف من هذه الاستراتيجية هو تحسين طريقة تفكيرك وبناؤه بناءً منهجيًا، إضافةً إلى تحسين جودة قراراتك. فإنه من البديهي أن تؤثر استراتيجية القبعات الست تأثيرًا جوهريًا في رحلتك الشخصية والمهنية. لذلك في هذه المقالة، سوف نتعرف على هذه الاستراتيجية وكيفية استخدامها في التخطيط للتطوير الشخصي.
ما هي استراتيجية القبعات الست للتفكير؟
لكي أسهل عليك فهم الاستراتيجية فهمًا نظريًا وعمليًا، سنلعب معًا لعبة. تخيل معي أن هناك طاولة عليها ست قبعات ملونة بست ألوان مختلفة، وأنت تجلس أمامهم ويدور في رأسك سؤال واحد: «هل أفتح مشروعي الرقمي الخاص؟». تضم استراتيجية القبعات الست دلالات مختلفة لكل لون من ألوان القبعات، ووفق هذه الدلالات سوف نتوقع معًا رد كل قبعة عليك عندما تطرح عليهم السؤال الذي يدور في رأسك.
- ترد القبعة البيضاء بالحقائق والمعطيات، فتقول: «ما هي المعطيات الرقمية حول السوق الذي تدخله؟».
- ترد القبعة الحمراء بالمشاعر المتوقعة، فتقول: «هل أنت متحمس لهذا المشروع أم أنك خائف؟».
- ترد القبعة الصفراء بإيجابيات المشروع: «ما الفرص التي يمكنك الحصول عليها إذا نجحت؟».
- ترد القبعة السوداء بالتحذيرات والمخاطر، فتقول: «ما المخاطر التي يمكن أن تواجهك أو تتسبب في خسارتك إذا بدأت المشروع؟».
- ترد القبعة الخضراء باقتراح فكرة جديدة، وتقول: «يمكننا ابتكار طريقة مختلفة للتسويق للمشروع!».
- ترد القبعة الزرقاء بتنظيم التفكير وتقول: «لنرتب الأولويات والخطوات قبل أن نبدأ!».

عند استعراض ردود القبعات الست، ستجد أنها تقدم رؤية متكاملة لجوانب التفكير قبل أي قرار مهم. لذا عليك معرفة كيف تشتخدم هذه الاستراتيجية لتطوير تفكيرك ومن ثم تطوير نفسك ومن ثم التأثير بإيجابية في قراراتك، ولا سيما إن كان مشروعك الرقمي الخاص!
مزايا القبعات الست
استراتيجيات القبعات الست تُمثل حجر أساس في مهارة التفكير الذكي التي يتبعها كل صاحب مشروع ناجح. فهي تساعد على تحسين مهارات اتخاذ القرار وحل المشكلات كالآتي:
تعزيز مبدأ التعاون
عندما تتعاون القبعات الست في عرض طريقة تفكيرها المختلفة تعلمك كيف تتعاون مع غيرك في الفريق أو حتى في الأسرة أو أي مجموعة أنت فرد منها، وتعلمك أيضًا كيف تستمع لوجهات النظر المختلفة وتحترمها وتضعها في اعتبارك.
تحسين عملية اتخاذ القرار
لما كانت القبعات الست تخدم غرض معين، فإن من الطبيعي أن تفسح لك الطريق لتحلل المشكلات من زوايا مختلفة. الأمر الذي يساعدك بناء قرار سليم على أساس سليم.
تعزيز التفكير الإبداعي
تشجعك القبعة الخضراء على التفكير بطريقة مختلفة على غير المعتاد. لأنها تساعدك على طرح أفكار خارج الصندوق بشجاعة. هذه مهارة ضرورية في حياتك الشخصية والمهنية وتنمي مهاراتك العقلية.
التفكير المركز
عندما تتمكن من تقسيم أنماط تفكيرك والتركيز في كل نمط على حدة واستخراج كل المعلومات والبيانات التي تندرج تحت هذا النمط. سيساعدك ذلك في تقليل الصراعات والتركيز في كل جانب دون أن تقلل من جانب آخر.
حل المشكلات بمهارة
عندما تستمع لوجهة نظر كل قبعة وتحللها، ثم تبني خطة مرتبة على هذا التحليل الشامل. فأنت الآن تحل مشكلاتك بطريقة منظمة ومرتبة ومدروسة. وهو الأمر الذي يضمن لك نجاح هذا الحل وعدم إهدار الوقت في التفكير العشوائي أو في أن تخطو خطوة في غير محلها.
الشعور بالمسؤولية
عندما تطبق استراتيجية القبعات الست في منشأتك سوف تعلم فريقك ضرورة المشاركة والتفاعل. لأنه أدرك أهمية رأيه ومنظوره في حل المشكلة أو تحقيق الهدف.
القبعات الست ضمن خطة التطوير الشخصي
حسب نظرية دكتور إدوارد دي بونو للقبعات الست. يستخدم هذا النظام للتفكير المنفصل في توضيح الرؤية، تقليل التشتت الذهني بسبب ازدحام الأفكار والمشاعر. فإن تعلمت كيف تفكر، لن يكون من الصعب عليك أن تنمو وتحقق ما ترغب به. سأشرح لك الطريقة في الخطوات التالية:
مرحلة تحديد الهدف
تتذكر عندما قلت لك أن أول مرحلة في أي خطة هي تحديد الهدف. ولما كنت في خطة تطويرك الشخصي فإنك تعلم ماذا تريد أن تحقق. الحصول على وظيفة جديدة أو مهارة تنميها. دعنا نعتبر الآن كمثال أن هدفك هو أن تفتح مشروع رقمي جديد.
تحليل الهدف باستخدام كل قبعة
القبعة البيضاء (الحقائق والمعلومات): اجمع كل البيانات والمعلومات التي تحتاج إليها للبدء في المشروع. مثال: ما هو المجال الذي يناسبني؟ من هم المنافسين وما مستواهم؟ كم عدد الفرص المتوفرة لدي؟ ما هي المهارات التي تنقصني؟
القبعة الحمراء (المشاعر والانطباعات): عبّر عن مشاعرك كلها تجاه المشروع دون خجل وتقبلها. مثال: هل أشعر بالحماس أم بالخوف تجاه هذا المشروع؟
القبعة السوداء (النقد والمخاطر): توقع كل المخاطر والسلبيات المحتملة بموضوعية، ولا تنس أن تستعن بمن هم أقدم منك ومروا بتجربة مشابهة. مثال: ما هي التحديات التي قد تتسبب في خسارتي؟ ماذا أفعل إذا لم أنجح في التسويق لنفسي؟ هل أستعن بخبراء؟
القبعة الصفراء (الإيجابية والتفاؤل): ركز على الفوائد والمزايا المتوقعة. مثال: ما هو دخلي المتوقع إذا نجحت في بيع عدد ما من منتجاتي الرقمية أو خدماتي؟
القبعة الخضراء (الإبداع والابتكار): ابحث عن حلول مبتكرة أو طرق بديلة للنجاح في مشروعك. مثال: البحث عن استراتيجيات تسويق مبتكرة، أو أفكار مميزة تضعك في مقدمة السوق.
القبعة الزرقاء (التحكم والتنظيم): خطط لترتيب خطواتك وإدارة كل ما تفكر به. ضع إجابة كل الأسئلة التي وضعتها في القبعات السابقة واصنع بها خطتك. مثال: ما هي خطتي الزمنية وما هي أولوياتي؟ ما هي أول خطوة؟ وما هي متطلباتها؟
وضع خطة متكاملة
بعد الانتهاء من جمع كل البيانات وترتيب الأفكار يأتي دور وضع الخطة الفعلي لتطويرك الشخصي أو تطوير مشروعك. طبقًا للعناصر الآتية:
- أهداف واضحة
- فرص فعالة
- مخاطر محتملة
- إطار زمني محدد
- مهام مؤثرة
- عوامل وأدوات مساعدة
- طرق قياس الأداء
- خطط بديلة
- أفكار إبداعية
ومن ثم ربط كل هذه النقاط في مخطط متتابع، وعندما تواجه أي مشكلة، قف! ثم أعد التفكير والتحليل بنفس الطريقة. ولا تشك لحظة أنك لن تصل ما دمت تحلل وتفكر بطريقة ممنهجة وشاملة مثل طريقة استراتيجية القبعات الست. وإليك نصائح إضافية لإتقان استراتيجية القبعات الست من واقع تجربتي لتنمية هذه المهارة:
التفكير بكل قبعة تفكيرًا مستقلًا
خصص وقتًا محددًا يوميًا (ولو ساعة مثلًا) للتفكير بطريقة قبعة واحدة فقط من القبعات الست، حتى تتعود على نمط كل قبعة. وتذكر أنك هنا في مرحلة تدريب على مهارة جديدة. لذا قد تجد بعض الصعوبات في الاستمرارية. وأنصحك أن تستخدم مفكرة تدون بها أسلوب تفكيرك في أي مشكلة تواجهك خلال اليوم حتى تتمكن من تذكرة نفسك دائمًا بضرورة التدرب على هذه المهارة.
تعلم أن تسأل أسئلة مناسبة
قبل أن تبدأ التفكير، اسأل نفسك أسئلة تناسب لون القبعة، لكي تفتح لك الأسئلة أفق جديدة في حل المشكلات.
ابدأ بالقبعة الزرقاء وانتهِ بها
ابدأ دائمًا بتحديد الهدف تحت قبعة التنظيم (الزرقاء)، واختم جلسة التفكير بإعادة ترتيب الخطوات لكي تختبر إمكانيتها في الوصول إلى الهدف الذي وضعته في البداية.
لا تخلط بين القبعات أثناء التفكير
التزم بنمط القبعة الواحد في كل مرة؛ لا تدمج بين العاطفة والتحليل، بل افصل كل جانب لتحصل على رؤية أوضح.
دوِّن أفكارك ومخرجات كل قبعة
أثناء جلسة التفكير، خصص ورقة أو مساحة لكل قبعة وسجل ملاحظاتك تحتها، فهذا يسهل عليك مراجعة وتحليل أفكارك لاحقًا. وكما أخبرتك في النصيحة الأولى؛ فالمفكرة دائمًا خير رفيق في أي خطة للتطوير الشخصي.
اهتم بكل قبعة بنفس القدر
لا تستخف بأي قبعة، حتى القبعات التي تبدو «سلبية» مثل القبعة السوداء، لأنها تساهم في الحماية وتوقع المشكلات. كذلك القبعة الحمراء التي تعبر عن المشاعر، ولا سيما إن كنت رجلًا، فلا تتجاهل مشاعرك.
طريقة التفكير هي محور حياتك ومقياسك الأساسي الذي له الأثر الأول والأخير في مصيرك. لذلك يجب عليك أن تهتم بتطوير تفكيرك طوال الوقت، وأن تقيم ما يؤول إليه هذا التفكير تقييمًا دوريًا. ولا تنس أننا بشرًا، مفطورين على النقص والخطأ، فلا تقدس أفكارك واتسم بالمرونة التي تقدم لك فرصًا أكثر للنجاح.