العلاقات العامة الرقمية: كيف تبني مشروعًا يتحدث عنه الجميع؟

العلاقات العامة
العلاقات العامة

ككاتبة محتوى وخبيرة تسويق، مررت بأشكال مختلفة من الكتابة> بدايةً من مقالات الرأي التي تحدثت فيها عن قادة العالم! مرورًا بمقالات تسويقية تروج لمنتج أو خدمة، وصولًا إلى مقالات وأخبار العلاقات العامة. وربما تتساءل يا عزيزي هل العلاقات العامة بحاجة إلى صناعة محتوى؟ نعم بل أكثر بكثير! مقالنا اليوم لمساعدتك على الانتقال بمشروعك إلى مكانة أكثر احترافية من خلال توظيف استراتيجيات العلاقات العامة الفعالة.

العلاقات العامة قديمًا

في الماضي كانت العلاقات العامة تعتمد على الصحف والتليفزيون وحتى الراديو. ورغم أن تلك الوسائل لم تختفي؛ لكنها أصبحت في مواجهة الإنترنت. ومع ظهور التسويق الرقمي؛ تطورت العلاقات العامة معها. لتصبح العلاقات العامة الرقمية!

ما هي العلاقات العامة الرقمية؟

في رحلة شراء تخيلية ربما مررت بها فعلًا؛ كنت تتصفح الإنترنت باحثًا عن منتج ترغب بشرائه. ثم رأيت مراجعات إيجابية عليه، واتخذت قرار الشراء فورًا. لكن ما هذا التأثير؟ 

العلاقات العامة الرقمية (Digital PR) هي المسؤولة عن ذلك التأثير. إذ تتركز مهمتها في الحفاظ على علاقات جيدة وطويلة الأمد بين علامتك التجارية وجمهورك المستهدف «والطرف الثالث». وذلك من خلال توجيه الرسائل والقيم التي تُمثل علامتك التجارية بشكل استراتيجي. مستهدفًا تحسين صورة وسمعة العلامة التجارية وزيادة الوعي بها. 

ولتحقيق أقصى تأثير، تعتمد العلاقات العامة الرقمية على أنشطة التسويق الرقمي مثل:

ببساطة هدف العلاقات العامة هو تشكيل طريقة تفكير الناس حول المنتج أو الخدمة أو الشخص. من خلال سرد قصة تتضمن (القيم والرسائل) تتناغم مع الجمهور المستهدف. والتي تؤدي أخيرًا وبشكل غير مباشر إلى زيادة المبيعات.

الطرف الثالث

في رأيي يمكن تعريف ذلك الطرف على أنه أي شخص يتحدث عن علامتك التجارية غيرك! على سبيل المثال:

  • المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي
  • مراجعات العملاء 
  • أخبار ومقالات صحفية

«العلاقات العامة إضافة رائعة من ناحية التكلفة لاستراتيجيتك التسويقية الشاملة».

عملائي المسوقين

إليك عزيزي المُثابر معادلة بسيطة عن العلاقات العامة:

تحسين صورة وسمعة العلامة التجارية من خلال أنشطة ملائمة = ثقة العملاء وتسويق مجاني

وهنا يكمن سحر العلاقات العامةK إذ تجعل عملائك مسوقين لك! وذلك من خلال التحدث عنك شفهيًا فيما يعرف بالتسويق الشفهي (Word of Mouth Marketing). وهو الذي يعبر فيه العملاء عن إعجابهم بخدمة أو منتج ما خلال أحاديثهم اليومية. بالإضافة إلى كتابة التقييمات الإيجابية التي تُعبر عن رضا العملاء عن الخدمة التي تُقدمها، ما يُحفزهم في النهاية على اتخاذ الإجراء المرغوب في مشروعك.

لماذا نتحدث عن التسويق؟

بعد أن أخبرتك أن العلاقات العامة يمكن أن تجعل عملائك مسوقين لك. قد تتساءل لماذا نتحدث عن التسويق؟ ألا تغني العلاقات العامة عن التسويق؟ الإجابة ببساطة هي لا. حسنًا ألا يغني التسويق عن العلاقات العامة؟ أيضًا لا يا عزيزي.

العلاقة بين التسويق والعلاقات العامة هي علاقة تكاملية. كذلك العلاقات العامة جزء لا يتجزأ من أي استراتيجية تسويقية شاملة وناجحة. وعلى الرغم من وجود تشابه، يختلف الاثنين في الهدف النهائي. يركز التسويق بشكل أساسي على الترويج لمنتجاتك وخدماتك لجذب عملاء محتملين. لكن العلاقات العامة تهتم بالحفاظ على هؤلاء العملاء داخل مجتمع علامتك التجارية، وتحويلهم إلى عملاء دائمين ومخلصين. 

 الاتصال التسويقي المتكامل

 ولتحقيق ذلك التكامل فأنت بحاجة إلى أن تكون كل جهودك التسويقية متناسقة، بما فيها العلاقات العامة. وهنا يأتي دور الاتصال التسويقي المتكامل (Integrated marketing communications - IMC). وهو عملية توحيد الرسائل التسويقية عبر جميع القنوات والوسائل التي تستخدمها علامتك التجارية للوصول إلى الجمهور المستهدف.

على سبيل المثال؛ أطلقت تطبيقًا لتعلم اللغات بالذكاء الاصطناعي، كيف تتكامل العلاقات العامة مع التسويق؟

  • رسالة التسويق: تركز على الفوائد الشخصية «إليك الطريقة الأكثر فعالية لتعلم لغة جديدة؛ يتضمن التطبيق التدرب على جميع المهارات»
  • رسالة العلاقات العامة: تركز على أن يقص الآخرين قصتهم؛ القصة المؤثرة تخلق رابطة عاطفية مع الجمهور  «ما الجوانب الإيجابية التي ساهم فيها تعلم اللغات الجديدة على حياتك»

ما هي أنشطة العلاقات العامة؟

أي نوع محتوى أو قناة رقمية يمكن أن تفكر فيها عزيزي المُثابر؛ يمكن استخدامها لتحقيق أهداف العلاقات العامة. لكن قبل أن نتطرق لها دعنا أولًا نتعرف على ماهية حملة العلاقات العامة؟ 

ببساطة هي سلسلة من الأنشطة المخططة مبنية على أهداف تجارية محددة. مثل زيادة حركة المرور على موقعك الإلكتروني، أو جذب الانتباه إلى منتج رقمي جديد، أو التركيز على قضية مُعينة ترغب في إثارتها. وتُنفذ الأنشطة خلال فترة زمنية محددة تتماشى مع الهدف العام. والتي كما ذكرنا يجب أن تكون متسقة مع الحملات التسويقية أيضًا.

المحتوى

هل تذكر عندما ذكرنا أن العلاقات العامة تركز على الرسائل والقيم والقصص أيضًا؟ كل ذلك يمكنك إيصاله لجمهورك المستهدف من خلال المحتوى! سواءً كان مكتوب أو مرئي أو حتى مسموع. لذا؛ فإن جودة المحتوى وطريقة إعادة استخدامه مثل المحتوى الذي ينشئه العملاء (User Generated Content). هو بمثابة تذكرة ذهبية للعلاقات العامة.

«يجب على جمهورك المستهدف أن يعرف ويحب ويثق بعلامتك التجارية قبل الشراء»

الصحفيين والمُدونين 

يُعد الصحفيين والمُدونين طرفًا ثالثًا؛ إذ تعمل العلاقات العامة على بناء علاقات معهم. وذلك حتى يمكنهم طلب التحدث عن منتج أو حدث جديد للعلامة التجارية. بالتالي زيادة شهرتها وتحسن سمعتها؛ شريطة أن يكون الصحفيين أو المدونين يتمتعون بالمصداقية بالطبع.

المؤثرين

أصبح المؤثرين جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه لأي منتج يتواجد جمهوره المستهدف على منصات التواصل الاجتماعي. بالتالي هو وسيلة هامة جدًا يمكن للعلاقات العامة استغلالها لإيصال رسائل الشركة وقصتها.

 المراجعات والتقييمات 

في رحلة شرائك التخيلية منذ قليل؛ اتخذت قرار الشراء بناءً على التقييمات الإيجابية. وهنا يأتي دور العلاقات العامة، التي تحافظ في تلك المرحلة على علاقتها بالعملاء. وذلك من خلال متابعة التقييمات، والرد عليها كذلك. 

من المهم أيضًا أن تحضر العلاقات العامة ردودًا تمتص غضب العملاء عند ترك أي تقييمات سلبية، ثم البدء في حل مشاكلهم. والأمر ذاته يُطبق على التعليقات والرسائل والاتصالات. وفي المقابل، جزء من استراتيجية العلاقات العامة هو تشجيع العملاء على حكي تجاربهم الإيجابية، وترك التقييمات المرتفعة أيضًا.

 المقابلات

لو أننا سنصف العلاقات العامة بصفة إنسانية؛ فهي «محبة للظهور» بلا شك! تهتم العلاقات العامة بإجراء المقابلات مع أفراد مؤثرين أو خبراء في المجال. وذلك بهدف مناقشة موضوع معين أو التركيز على منتج أو خدمة ما.

وأُشير هنا تحديدًا إلى البودكاست والبث المباشر. وهي قنوات فعّالة يمكن استخدامها ضمن خططك التسويقية للوصول إلى العملاء. فالبودكاست والعروض الحية أصبحت توجهًا رائجًا هذه الأيام بفضل منصات مثل تيك توك.

البيانات والأخبار الصحفية

في الواقع يا عزيزي؛ تختلف البيانات والأخبار الصحفية عن بعضهم. البيان الصحفي يُرسل إلى وسائل الإعلام بشكل موجز بهدف الإعلان. ثم يبدأ الصحفيين والمحررين في كتابة مقالات أو أخبار عنه. أما الخبر الصحفي؛ لديه نفس الهدف لكنه يُرسل مُفصل وجاهز على النشر مع تعديلات طفيفة من قِبل الطرف الثالث. 

تحسين محركات البحث (SEO)

تهتم العلاقات العامة أيضًا بموقعك الإلكتروني؛ إذ تحرص على تضمينه في الروابط الخلفية لدى مدونات أو مواقع ذات سمعة قوية وموثوقية. وكلما زادت سمعة الموقع كلما زادت قيمة الرابط وأثره في تحسين ترتيب موقعك في نتائج محركات البحث. وهذا ما يُعرف بالسلطة عزيزي المثابر أو «الأوثوريتي» Authority.

لكن انتبه! لا تحاول إقحام موقعك في المواقع الأخرى بحملات مُمولة، قد يؤدي ذلك إلى نتيجة عكسية. لكن اهتم بتطوير الخدمة مع صناعة محتوى مؤثر على مدونتك. بهذه الطريقة ستجعل المواقع تُشير إلى موقعك تلقائيًا دون تدخل منك.

الشراكات

أحد أهم أدوار العلاقات العامة، هو بحثها عن شراكات؛ سواءً مع مؤثرين أو مدونين أو خبراء في المجال. والذي يقدم لك مزايا هائلة:

  • توسيع النطاق والوصول: الوصول إلى جمهور جديد لم يكن متاحًا من قبل.
  • زيادة الثقة والمصداقية: يُنظر إلى الشراكات على أنها نوع من الثقة المتبادلة. خاصةً إذا كان الشريك في الحملة يتمتع بسمعة طيبة.
  • التقليل من التكاليف: الشراكات تسمح بتوزيع التكاليف والموارد، ما يساعد في تقليل الحمل المالي على كل طرف. والذي يمكن أن يكون مفيد جدًا في حملات التسويق والإعلانات.
  • تبادل الخبرات والمعرفة: يمكن لكل طرف في الشراكة الاستفادة من معرفة الطرف الآخر وتجاربه.
  • التعاون في المشاريع المشتركة: الشراكات تتيح الفرصة للعمل معًا في مشاريع أو حملات تسويقية مشتركة، بالتالي فرص جديدة للربح والنمو.
  • تحقيق أهداف مشتركة: تحسين العلامة التجارية أو زيادة المبيعات.

ماذا أحتاج كي أبدأ؟

لتضع استراتيجية علاقات عامة فعالة؛ فأنت بحاجة إلى  اتباع عدة خطوات:

 حدد أهدافك

حدد ماذا ترغب من العلاقات العامة أن تركز عليه. هل الهدف هو زيادة الوعي بالعلامة التجارية؟ أم تحسين السمعة على الإنترنت؟ أم زيادة التفاعل مع العملاء؟

الجمهور المناسب

من يوجه حديثه للجميع؛ لا يسمعه أحد! ذلك الوصف رأيته وحاز على إعجابي. وكان يصف من يبدأ استراتيجيته التسويقية دون أن يعرف جمهوره المستهدف. لذا؛ يجب أن تتعرف على جمهورك المستهدف يا عزيزي المُثابر. ما الذي يهتم به؟ ما هي تفضيلاته؟ وما هي بياناته الديموغرافية؟ ما هي المنصات التي يتواجد عليها؟ وبذلك تتمكن من تخصيص رسالتك، والوصول إليهم بما يتناسب معهم. 

تحليل النتائج

في ذلك الجانب يمكن أن تكون العلاقات العامة مظلومة قليلًا؛ إذ يصعب قياس مجهوداتها بأدوات ومؤشرات الحملات التسويقية. لكن باعتبارها جزءًا من الاستراتيجية التسويقية؛ يمكن استخدام مؤشرات الأداء التسويقية نفسها بعد جهود العلاقات العامة لمعرفة ما حققته.

ثوابت مُكررة

الآن وسابقًا وفي جميع المقالات نحرص على الإشارة على أهمية جودة المحتوى يا عزيزي. المحتوى هو العنصر الأساسي في العلاقات العامة الرقمية. لذا؛ يجب أن يكون المحتوى ذو قيمة مضافة. يُعكس رسالة العلامة التجارية بشفافية واحترافية. كذلك التفاعل مع جمهورك المستهدف؛ لا تتركهم أبدًا يحدثوا أنفسهم! تفاعل معهم ورد على استفساراتهم. بذلك تكتسب ثقتهم وتقوي علاقتك معهم.

الجانب العاطفي في العلاقات العامة

العلاقات الإنسانية يتخللها الكثير من المشاعر. لذا تهتم العلاقات العامة باحترام ومراعاة مشاعر الجمهور المستهدف. 

الجمهور ليس مجرد عدد

الجمهور المستهدف ليس مجرد عدد نستهدفه بمفاهيمنا التسويقية واستراتيجيتنا. بل هم بشر يتمتعون بالذكاء وقدرة على التحليل والاستنتاج أيضًا. لهذا عندما تسوق لعلامتك التجارية؛ لا تفرط في التسويق لأن الإفراط يتحول إلى إزعاج، كما أنه يضر بمصداقيتك. يجب أن يهدف محتوى العلاقات العامة إلى تعليم وإعلام جمهورك بدلاً من الترويج فقط لعلامتك التجارية؛ أي تغذية عقولهم بما يفيدهم.

للجمهور مشاعر 

احرص يا عزيزي أن تراعي مشاعر جمهورك المستهدف في أي قضية حساسة؛ سواءً ثقافية أو اجتماعية أو سياسية. فإن لم يكن لديك موقفًا واضحًا يدعمهم؛ من الأفضل أن تتجنب أي آراء أو تصريحات مثيرة للجدل أو جارحة قد تسيء أو تنفر جمهورك. وابقَ على اطلاع بالأحداث لتتجنب سوء الفهم.

غضب الجمهور

لا تتجاهل غضب الجمهور الممثل في تعليقات أو تقييمات سلبية. بل تعامل معها كفرصة للتعلم والتحسن؛ واستخدمها لإجراء تغييرات. ورد على التعليقات بطريقة عاطفية تشعر العميل بأنك تسانده وإلى جانبه. 

العلاقات العامة عزيزي المثابر هي ضرورة تسويقية لكل مشروع رقمي، بل لأي مشروع عمومًا! وإذا كان سؤال «ماذا تُقدم» يعبر عن العلامة التجارية. سيكون سؤال «كيف يشعر عملاؤك تجاه ما تُقدمه» هو المُعبر عن العلاقات العامة. وفي رأيي، هذان السؤالان هما أساس نجاح أي مشروع.