دورة رقمية على الأبواب…لكن شيئًا ما ينقصني!

استراتيجيات التعلم
استراتيجيات التعلم

سأبدأ في إنشاء دورة تدريبية إلكترونية لكتابة المحتوى الشهر المقبل، أنا متحمسة! أعددت المحتوى، ولكن هناك شيء ينقصني ويؤرقني. ولا أخفي عليكم أنني أخشى التفكير فيه، وهو كيفية توصيل هذا المحتوى القيم إلى عقول طلابي المتفاوتة.

أعلم أن كل فرد له سبيل مختلف لتلقي المعلومة، وإني أحرص تمام الحرص على توصيل المعلومة إلى الجميع. فأنا أحب عملي وأحب أن أنجح فيه. فكرت في البحث عن أكثر استراتيجيات التعلم فاعلية باختلاف أنواعها، لكي أحرص على استخدامها في دورتي التدريبية وسأشارككم ما توصلت إليه!

استرتيجية التلعيب (Gamification)

التلعيب أو اللعبنة أو اللوعبة، هي مرادفات مختلفة لمضمون واحد، وهي أحد استراتيجيات التعلم المبنية على دمج آليات وأدوات الألعاب في العملية التعليمية. وتكمن أهميتها في زيادة تحفيز الطلاب وتفاعلهم مع المحتوى. تنقسم استراتيجية التعليب إلى قسمين:

التلعيب بالمحتوى

وهي استراتيجية تقوم على إدخال عنصر تشويقية في المحتوى لجعله محتوى تفاعلي جذاب. فعلى سبيل المثال، بدلًا من إنشاء درس تقليدي عن اختيار العناوين الجذابة للمقالات. يمكنك صياغة محتوى الدرس في صورة مهمة خاصة لإنقاذ إحدى المقالات الفشل بسبب سوء اختيار العنوان.

وهنا تقدم مجموعة من العناوين المقترحة التي يحاول الطالب فهمها وتحليل مدى جاذبيتها وتأثيرها على لفت انتباه الزائر  لفتح المقالة. بهذه الطريقة تتمكن من تعليم طلابك العديد من المفاهيم المتعلقة باختيار العناوين بطريقة تشويقية ومسلية.

التلعيب التحفيزي (المرتبط بالأداء)

ويكون بإضافة عناصر تحفيزية كالمستويات والتحديات التي تشجع الطلاب على مواصلة المنافسة والتعلم من أجل الوصول إلى القمة. ويمكن تدعيم الاستراتيجية بالمكافآت مثل شهادات إنجاز أو شارات Badges على طول مدة الدورة التعليمية.

استراتيجية التعلم التعاوني (التعلم بالأقران - Peer learning)

لا شك أننا جربنا هذه الطريقة جميعًا، وتساءلنا عن قدرة زملائنا في الدراسة على توصيل المعلومة أفضل من المعلم أحيانًا. ولعل السبب في نجاح هذه الطريقة هو اقتراب الأعمار بين الزملاء واشتراكهم في الأهداف والاحتياجات أحيانًا. يمكننا أن نستغل هذه الطريقة الفعالة في إنشاء مجتمعات صغيرة وخلق بيئة جادة للمناقشة بين الطلاب لمساعدة المعلم في توصيل المعلومة إلى الجميع. 

استراتيجية التعلم بحل المشكلات (Problem-based learning)

على عكس الطرح النظري المجرد للمعلومة، فإن التعلم بحل المشكلات هي من أنفع الطرق وأكثرها قدرة على تثبيت المعلومة في عقول الطلاب. ولم لا وهي تعلم الطلاب التفكير والتحليل والتوصل إلى الحل بأنفسهم، ما يعزز من قدرة الذاكرة لديهم وتحفيز مراكز الدماغ على العمل. 

ويستند هذا النوع من التعلم إلى طرح قصة من الأخبار أو وسائل التواصل الاجتماعي، ليحللوها باستخدام منهج الدرس. هذا يجعل المحتوى أكثر ارتباطًا بواقع المتعلمين وأكثر فائدة لهم. ويمكن أيضًا سرد إحدى المشكلات التي تواجه كاتب المحتوى مثل عدم إكمال قراءة المقالة. بعد ذلك تطلب من الطلاب تسجيل رأيهم في أسباب هذه المشكلة ومقترحات حلها. ثم تستعرض طريقتك في حل هذه المشكلة.

استراتيجية التعلم المتباعد (Spaced learning)

تعتمد هذه الاستراتيجية على خلق مسافات بين حصص تلقي المعلومات، بطرق مختلفة. وذلك لما له من تأثير فعال في استذكار المعلومات وتثبيتها كلما عاود الطلاب مراجعتها أو النظر فيها. تقوم هذه الاستراتيجية بعدة طرق:

  • تلخيص المحتوى وتقديمه في كبسولات مراجعة في فترات زمنية محددة.
  • توفر هذه الملخصات فرصًا إضافية للمتعلمين لفهم الجزئيات الصعبة.
  • تخصيص وقت قصير للراحة لمراجعة المعلومات داخل كل درس.
  • تتطلب أكثر المواضيع تعقيدًا جلسات أطول وفترات مراجعة أطول.

ويمكن الدمج بين هذه الاستراتيجية واستراتيجية التلعيب. وذلك عن طريق إضافة أنشطة تدريبية في صورة ألعاب وتحديات بين الكبسولات وفي فترات الراحة لتعزيز مبدأ الممارسة ومساعدة الطلاب على تثبيت المعلومات التي حصلوا عليها من كل درس.

استراتيجية التعلم المصغر (Microlearning)

يعاني الكثير من الطلاب من قصر فترة انتباههم أثناء الدروس. وهنا يأتي دور استراتيجية التعلم المصغر. فهو أسلوب تعليمي يقدم المحتوى على شكل وحدات قصيرة ومركزة، عادةً مدة كل منها 3 إلى 10 دقائق. كل وحدة تهدف إلى إيصال معلومة أو مهارة محددة، بسرعة وكفاءة. الفكرة الأساسية: «تعلم أقل…لكن بذكاء».

آلية استراتيجية التعلم المصغر

  1. تقسيم المحتوى الكبير إلى وحدات صغيرة: بدلًا من أن يحصل المتعلم على محاضرة لمدة ساعة، يشاهد مقطع فيديو أو يقرأ فقرة لمدة دقيقتين عن مفهوم واحد. 
  2. تركيز كل وحدة على هدف تعليمي واحد فقط: يجيب الجزء الواحد عن سؤالٍ واحد.
  3. استخدام وسائط متعددة: مثل الفيديوهات القصيرة، الإنفوغرافيك، البطاقات التعليمية، البودكاست، أو حتى الألعاب الصغيرة.
  4. سهولة الوصول في أي وقت: إتاحة الوحدات المصغرة عند الحاجة، ليتمكن الطالب من مراجعتها باستمرار
  5. تعزيز التعلّم النشط: عمل اختبار سريع أو تطبيق عملي أو نشاط بسيط يعزّز الفهم بعد كل وحدة.

استراتيجية التعلم بالسيناريو (Senario-based learning)

وهي طريقة تعليمية فعالة تقوم على وضع المتعلم في موقف يحاكي الواقع يدفعه لاستكشاف المهام وتحليل الوضع والتفكير في قرارات لحل المشكلات. تعتمد هذه الاستراتجية على آلية تنفيذ واضحة وهي: 

  • صمّم سيناريوهات واقعية تشبه التحديات التي قد يواجهها المتعلّم في حياته أو عمله.
  • استخدم شخصيات مؤثرة يرتبط بها المتعلم وتساعده على تذكر المعلومات.
  • اجعل السيناريو يحمل تحديًا حقيقيًا يحفّز التفكير واتخاذ القرار.
  • قدّم لهم تقييمًا بناءً بعد كل قرار يتخذه المتعلّم، لتوضيح نتائج اختياره وتعزيز الفهم.

استراتيجية نقطة الالتباس (The Muddiest Point)

نقطة الالتباس ببساطة هي الجزء غير المفهوم. والاستراتيجية هنا تعتمد على توفير مساحة إيجابية لطرح هذه النقط لدى الطلاب والحصول على إجابات وشرح واضح لها. ذلك عن طريق المناقشات الفعالة والتعلم التعاوني دون خجل. قد تبدو لك هذه الاستراتيجية بديهية أو جزء أساسي تقليدي في أي دورة تعليمية.

ولكن للأسف يعجز الكثير من المدربين عن توفير هذه المساحة الفعالة خاصةً في الدورات عبر الإنترنت. والأسلوب الأمثل لتفعيل هذه الاستراتيجية يكون عبر قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بمنتسبي الدورة. ويمكنك إنشاء موضوع أو منشور أسبوعي لاستقبال نقاط الالتباس المختلفة وتحفيز الطلاب على التفاعل مع بعضهم البعض.

استراتيجية مقابلات الخطوات الثلاث (Three-step interviews)

استعرضت لكم من قبل أهمية التعلم التعاوني والنقاش التفاعلي بين الطلاب. وها هنا استراتيجية جديدة تقوم على نفس المبدأ، وهي استراتيجية تعتمد على بناء مقابلة ثلاثية بين الطلاب، على أن يؤدي أحد الطلاب دور المحاور والآخر دور المجيب والثالث يراقب. 

تتيح هذه الاستراتيجية فرصة لاستعراض الاستراتيجيات المختلفة لطرح الأسئلة والإجابة وتقييم النقاش، ما يعزز المشاركة النشطة والتفكير العميق. يُعتبر هذا النوع من التعلُّم النشط مناسبًا جدًا للدورات التي تركز على تنمية المهارات الاجتماعية ومهارات التفاوض، مثل مجالات صناعة المحتوى، والتسويق الرقمي.

هل انتهت استراتيجيات التعلم إلى هنا؟ بالطبع لا، ولكني ركزت لكم على أكثرها فاعلية وتأثيرًا. خاصةً في الدورات عبر الإنترنت. وأسعد بكامل حماسي لكي أطبقها مع طلابي الأعزاء وأنتظر ردود أفعالهم على المحتوى والأنشطة والاستراتيجيات المختلفة للتعلم!