تخطيط الحملات الإعلانية..حين أخبرني المسوّق: «لا تطلقها الآن»!

الحملات الإعلانية
الحملات الإعلانية

بعد أن أطلقت مشروعي الرقمي بفترة قصيرة تواصلت مع أحد المسوقين المحترفين على الفيسبوك لأطلب إنشاء حملات إعلانية هدفها جذب العملاء، وقتها فاجأني المسوق بضرورة تأجيل إطلاق الحملة لأنها ستفشل الآن!

قد تستغرب عزيزي المثابر كيف لمسوق أن يضيع فرصة عمل لأجل مصلحة العميل! أنا أيضًا استغربت وقتها وشكرته على أمانته، لكن مربط الفرس ليس هنا، السؤال الأهم هو ذاك الذي طرحته عليه: «لماذا؟» في الواقع يمكن اختصار شرحه المطول في جملة واحدة: «يجب توفير عوامل نجاح الحملة أولًا». نشرحها أفضل؟ حسنا اربط الأحزمة وتعال معي لمعرفة مفتاح نجاح الحملات الإعلانية!

ما هي الحملات الإعلانية؟

عند مشاهدة الحملات الإعلانية الممولة على الفيسبوك، قد يتبادر إلى أذهاننا بأن ذلك الإعلان هو كل شيء. لكنه في الحقيقة لا يمثل سوى خطوة واحدة من سلسلة خطوات مدروسة ومرتبة ضمن خطة واضحة لتحقيق أهداف ذكية. مجموع تلك الخطوات كلها هو الحملة الإعلانية.

الفرق بين الحملات الإعلانية والخطة التسويقية

الفكرتان متقاربتان في الظاهر، لكن ثمة فرق كبير بينهما. فالخطة التسويقية هي استراتيجية متكاملة طويلة الأمد تقدم تصورًا شاملًا عن عمليات التسويق الضرورية لمشروعك في مراحله المختلفة، تضعها مرة واحدة عند التخطيط له.

أما الحملة الإعلانية؛ فهي خطة قصيرة الأمد محدودة بهدف مرحلي، يمكن تكرارها مع الحفاظ على الهدف نفسه أو بتغييره إلى هدف جديد حسب ما تقتضيه مصلحة المشروع، وغالبًا ما تكون جزءًا من الخطة التسويقية الشاملة بحيث توضع لتحقيق أحد أهدافها المدروسة مسبقًا.

كيف تفيد الحملات الإعلانية مشروعك الرقمي؟

باعتبار الحملات الإعلانية نوعًا من أنشطة التسويق الرقمي، فإنها تمثل جزءًًا رئيسيًا في نجاح المشاريع عمومًا والمشاريع الرقمية خصوصًا، وذلك من خلال الإضافات النوعية التي تقدمها للمشروع مثل:

  • بناء الوعي بالعلامة التجارية وتعزيز تواجدها الرقمي. والتواجد الرقمي هو روح أي عمل على الإنترنت. 
  • إنشاء شعورًا بالإلحاح لدى العملاء المحتملين، ما يؤدي إلى زيادة الطلب ومن ثم زيادة المبيعات.
  • جذب المزيد من العملاء في وقت قصير.

لكن مادمت سأستعين بمسوقين لمشروعي فلا داعي لفهم الحملات الإعلانية، أليس كذلك؟ للأسف تلك الفكرة خاطئة، مهما كان المسوق محترفًا فإن مهامه وصلاحياته محدودة. وسيظل بحاجة إلى مرافقة صاحب مشروع ذكي على دراية بأهدافه. ويفهم المعطيات الأساسية التي يحتاجها التسويق الرقمي حتى يجيد التعامل مع مختلف العقبات التي يمكن أن تعترضه.

خطط لحملتك الإعلانية في خطوات بسيطة

كعادتنا في مثابر سنتعرف على الخطوات بشكل أسهل من خلال إسقاطها على مثال عملي، لنفرض أنك تمتلك موقعًا يقدم دورات تعليمية مدفوعة في التصميم، ما الخطوات التي ستتبعها لإطلاق حملة إعلانية ناجحة؟

تقييم علامتك التجارية

بداية لابد أن تجري تقييمًا عامًا لموقعك وصورته التي يظهر عليها لتقوم بالتعديلات اللازمة وترفع من فرص نجاح الحملة، خذ أمثلة على ذلك:

  • الهوية البصرية: هل هي احترافية تعكس خبرتك في التصميم وتقنع الزوار تلقائيا بجدوى دوراتك؟
  • القيمة المضافة: هل هي واضحة وملفتة؟ 
  • تحليل SWOT: ما هي نقاط الضعف والقوة لمشروعك؟ وما هي فرص نجاحه؟
  • الجوانب الفنية والتقنية: هل الموقع سهل التصفح؟ كيف هي سرعته؟

حدد أهدافك

في الواقع لا يكون هدف الحملات الإعلانية تحقيق مبيعات أعلى بالضرورة. فالأهداف تتنوع حسب المرحلة التي يعيشها المشروع. لكنها في النهاية تصب جميعا في غاية تحقيق مبيعات أعلى مستقبلًا. لنأخذ أمثلة للتوضيح:

  • الوعي بالعلامة وبناء الجمهور: هدف أولي تحتاجه المشاريع في بداياتها قبل طرح المنتجات للبيع.
  • بناء قاعدة عملاء: هنا لن تقوم بحملة لدوراتك المدفوعة أيضًا، بل الغاية جمع بيانات الزوار الجدد حتى تتمكن من التواصل معهم لاحقًا عند إطلاق الدورات.
  • زيادة المبيعات: هنا ستهدف الحملة إلى الترويج لدوراتك بشكل مباشر.
  • تعزيز ولاء العملاء الحاليين: يمكن أن تطلق حملة مع عروض خاصة بعملائك الأوفياء كتقديم خصومات إضافية أو هدايا خاصة لهم.

أيًا كان هدف حملتك الإعلانية، لابد أن يكون هدفًا ذكيًا (SMART Goal). ويعني ذلك أن يكون محددًا، وقابلًا للتحقيق، وقابلًا للقياس، وذا صلة بمشروعك، ومُحددًا بجدول زمني.

حلل جمهورك المستهدف

لا يكفي هنا أن تعرف من تستهدفهم بدوراتك التعليمية، بل لابد أن تفهمهم بعمق من خلال تحليل جوانب مختلفة حتى تكون حملتك دقيقة وناجحة، إليك أمثلة:

  • من هم؟ الشباب الذين يتجهون إلى العمل الحر في مجال التصميم والمونتاج.
  • كم أعمارهم؟ من 15 إلى 35 سنة.
  • ماذا يحبون؟ المحتوى القصير، الإبداع. 
  • من أين يأتون إلى موقعك؟ من وسائل التواصل الاجتماعي.
  • ما هي نقاط آلامهم؟ الحاجة إلى تحقيق مصدر دخل، الحاجة إلى التميز وسط كثرة المنافسين. 
  • كيف هي نظرتهم عن علامتك التجارية؟ ثقة بمستواك مثلًا أم انتقاد لعيوب في مشروعك؟
  • كيف هي قدرتهم الشرائية؟ متوسطة.
  • كيف استجابوا لحملاتك الإعلانية السابقة؟ هذا لتبني على نجاحك أو تتدارك الأخطاء التي وقعت فيها.

من المؤكد أنك تتساءل عن وسيلة جمع كل هذه المعلومات بشكل دقيق؛ لا تقلق فالأمر بسيط، يكفي أن تنشئ استطلاع رأي في وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمعات الرقمية، أو تستعين بالمواقع المخصصة لتحليل الجمهور وأداء موقعك مثل: 

  • Meta Audience Insights: لتحليل جمهورك على فيسبوك.
  • Google Trends: لمعرفة المواضيع التي يبحث عنها الجمهور.
  • Google Analytics: لتحليل زوار موقعك.
  • Think with Google: لمعرفة المحتوى الذي يتفاعل معه الجمهور.

حدد قنوات التسويق

بمعنى أن تحدد المكان الذي ستطلق فيه حملتك الإعلانية. سيكون هذا أسهل كلما عرفت جمهورك بدقة لأنك ستقصد المكان الذي يستخدمه بوتيرة أكبر؛ كوسيلة معينة من وسائل التواصل الاجتماعي، أو البريد الإلكتروني، أو نتائج محركات البحث. 

كن مؤثرًا

لكل حملة رسالة محددة يريد صاحب المشروع إيصالها إلى جمهوره. يحقق من خلالها جذب الانتباه والتأثير على العميل المحتمل لدفعه إلى اتخاذ قرار إيجابي. وذلك عبر صناعة محتوى مؤثر وجذاب بمختلف صوره من مقالات أو صور ثابتة أو مقاطع فيديو حسب القناة التسويقية التي تختارها.

لنفترض أنك ستطلق حملة إعلانية لدورتك الجديدة في التصميم باستخدام فوتوشوب. يمكن أن تطرح رسالتك بالشكل التالي:

🎨 هل ترغب بتعلّم تصميم احترافي باستخدام الفوتوشوب ولكن لا تعرف من أين تبدأ؟
دورتنا التدريبية المكثفة في تصميم الفوتوشوب صُممت خصيصًا لكل من يسعى إلى تطوير مهاراته في التصميم الجرافيكي:

✅ خطوة بخطوة من الأساسيات حتى الاحتراف
✅ تطبيق عملي على مشاريع حقيقية
✅ أدوات وقوالب تسهل عليك العمل وتوفر وقتك

💡 لا تدع قلة الخبرة تحرمك من فرص العمل والتطوير المهني!
📍 المقاعد محدودة؛ انضم الآن وابدأ رحلتك في عالم التصميم!

لو حللنا هذه الرسالة عزيزي المثابر فسنجد بأنها:

  • واضحة، وبسيطة، ومختصرة.
  • تخاطب الجمهور المستهدف بصيغة مباشرة.
  • تتوافق مع احتياجاته وتلامس نقطة ألمه.
  • توضح الفائدة التي سيحصل عليها.
  • فيها دعوة واضحة لاتخاذ إجراء (انضم الآن).

لا تنس الميزانية!

هنا علينا أن نتفق عزيزي المثابر على أمر هام. من الصعب جدًا أن تتكفل بتنفيذ الحملة الإعلانية بمفردك. فحتى الخبراء يستعينون بفرق من المسوقين لأن التنفيذ يتضمن تفاصيل عديدة كالنشر والرد على الاستفسارات وتحليل الأداء. من هذا المنطلق، لابد أن تضع ميزانية تغطي كل التكاليف بدءًا من إعداد المحتوى وصولًا إلى المسوقين والمشرفين على صفحاتك.

حدد مؤشرات الأداء

مؤشرات الأداء الرئيسية أو KPIs هي مجموعة من المعايير التي تمكنك من قياس مدى نجاح حملتك بالأرقام، وتختلف حسب الهدف وقناة التسويق. هناك العديد من مؤشرات الأداء التي تخدم أهدافًا مختلفةً. لذا دعنا نكتفي بذكر بعضها بما يتناسب مع مثال المشروع الذي طرحناه:

  • معدل الظهور: عدد المرات التي ظهر فيها الإعلان للمستخدمين.
  • معدل النقر: يعكس قدرة الإعلان على إثارة فضول المستخدمين ودفعهم إلى النقر للتعرف على المزيد عن منتجك.
  • العملاء المحتملون: هم الأشخاص الذين أبدوا اهتمامًا بإعلانك من خلال المراسلة والاستفسار، ما يعني أنهم قد يتحولون إلى عملاء حقيقيين.
  • معدل التحويل: يعني عدد الأشخاص الذين اتخذوا الإجراء فاشتركوا في الدورة فعلًا مقارنة بعدد الزوار الإجمالي.
  • تكلفة اكتساب عميل جديد: تعني تكلفة الحصول على عميل واحد مقارنة بالتكاليف الإجمالية.
  • العائد على الاستثمار: يعني نسبة الأرباح التي حققتها مقارنة بالتكلفة الإجمالية التي أنفقتها على الحملة.

التنظيم ثم التنظيم

وصلنا الآن إلى وضع اللمسات الأخيرة، هنا ستقوم بترتيب معظم المعلومات السابقة في جدول يضبط المهام والمنفذين والمجالات الزمنية للتنفيذ، وبهذا يمكنك الانتقال إلى الخطوة الأخيرة التي تراها عادة في مواقع التواصل: تنفيذ الحملة!

التنفيذ ومتابعة النتائج

من المهم في هذه المرحلة أن تكون قائدًا جيدًا لتشرف على الفريق التنفيذي بكفاءة. ومن المهم أيضًا أن تقيم حملتك الإعلانية وفق مؤشرات الأداء أولا بأول حتى تتمكن من التعامل مع المتغيرات والنتائج فتعدل خطتك بذكاء وحكمة. وفي النهاية يمكنك إجراء تقييم شامل لتخرج بخلاصة تجيب عن أهم سؤالين: هل حققت أهدافك؟ وكيف يمكنك تحسين الأداء مستقبلًا؟

تلك هي الخطوات الاحترافية التي تختبئ خلف كل إعلان ناجح تراه على وسائل التواصل الاجتماعي. بعد تطبيقها لا تتردد في مراسلة مسوق محترف لتخلط خبرته بخطتك وتطلق أروع حملة إعلانية لمشروعك الرقمي، عندها سنكون في مثابر منتظرين بشوق أخبارك السارة لنبارك لك نجاحك الباهر.