الجمهور المستهدف: كي تحكي قصتك الناجحة!

أهمية تحديد الجمهور المستهدف
أهمية تحديد الجمهور المستهدف

كانت حفلات كوكب الشرق أم كلثوم تتضمن أغنيتين إلى ثلاث أغاني. ليس لأن أغانيها بطبيعة الحال طويلة، بل لأن جمهورها يستهويه إعادة المقاطع مرارًا وتكرارًا في حالة من الطرب. ولم تكن الست تمل أو تكل ابدًا بل كانت تستجيب في كل مرة لطلبات جمهورها؛ حتى أنها سجلت أطول أغنية عربية، في تسجيل حفل لأشهر أغانيها «فكروني» امتد لأكثر من ساعتين ونصف!

لم تكن أم كلثوم مجرد مطربة، بل كانت تعرف جمهورها جيدًا وتخاطبه بالطريقة التي يحبها، ولهذا ظلت تحظى بقاعدة جماهيرية وفية حتى يومنا هذا. وذلك يا عزيزي المُثابر أجمل مثال على جمهور متخصص له اهتمامات فريدة. 

ما هو الجمهور المستهدف؟

الجمهور المستهدف هو مجموعة محددة من الأشخاص يشتركون في خصائص واهتمامات ومشكلات متشابهة. بتحديدهم بدقة؛ ستفهم احتياجاتهم ونقاط آلامهم وتعد حملات تسويقية تشعرهم بأنها صُممت خصيصًا من أجلهم. وهذا يزيد فاعلية حملاتك ويحسن استثمار مواردك، ما يؤدي في النهاية إلى نمو مبيعاتك ونجاحك، وهو تمامًا ما نرغب به!

الجمهور الفريد

كل من لديه وصول إلى الإنترنت يمكنك أن تصل إليه من خلال حملاتك التسويقية. لكن هل كلهم مهتمين بمنتجاتك الرقمية؟ وهنا يا عزيزي المُثابر تكمن أهمية الوصول إلى جمهورك المتخصص. وهو شريحة محددة في سوق متخصص (نيتش) بداخل سوق أكبر.

على سبيل المثال، إذا كنت تقدم دورات تدريبية في الووردبريس، فالجمهور الأوسع هو مطورو المواقع أو من يرغب بتعلمها، لكن بتحديدك للمهتمين تحديدًا بـ«ووردبريس» ومعرفة احتياجاتهم، تصبح فرصتك في النجاح أكبر مقارنةً باستهداف جميع المطورين بشكل عام.

أهمية تحديد الجمهور المستهدف

في مثابر، جمهورنا المُستهدف هو كل من يمشي نحو القمة منفردًا. ننتظره في الأعلى ليظل ثابتًا، ونقف معه في الأسفل نشجعه نحو الصعود. إذًا ما أهمية الجمهور المستهدف لذلك المنفرد؟

المستقلين

كمستقل، معرفتك بجمهورك المستهدف تساعدك على تحديد مكان وجود عملائك المحتملين، وتسويق خدماتك بشكل يركز على حل مشكلاتهم. وبذلك تزداد ثقتهم بك، وتتحسن رسائلك التسويقية، وتجذب العملاء المناسبين، وتوفر وقتك وجهدك ومالك من خلال حملات تسويقية ناجحة.

العلامة التجارية الشخصية

معرفتك لجمهورك المستهدف تساعدك على تسويق نفسك بشكل صحيح من خلال إنتاج محتوى يناسب اهتماماتهم ويخاطبهم ويؤثر في مشاعرهم ويعزز ثقتهم بك. بالتالي يرتبطون بك وتكون معهم علاقات طويلة الأمد. كم أن تواصلك المباشر معهم يتيح لك معرفة توقعاتهم وتحسين منتجاتك وخدماتك باستمرار، كي تصبح علامتك التجارية الشخصية أكثر ازدهارًا وموثوقية.

تأسيس العلامة التجارية الشخصية استراتيجية لا غنى عنها لكل مستقل.

المنتجات الرقمية

إذا كان لديك منتجً رقميً يا عزيزي، حتى لو لم يكن لسوق متخصصة؛ فاعلم أن جمهور المنتجات الرقمية ينتظر الجودة والأداء العالي دائمًا. جوهر المنتجات الرقمية هو علاج نقاط الألم لدى الجمهور المُستهدف؛ لأن مع توجه العالم نحو الرقمنة والأتمتة. أصبح الجمهور ينتظر الأفضل؛ أن تتحسن تجربته في الاستخدام، وأن تصبح حياته أكثر سهولة. 

لذا؛ معرفتك بجمهورك المستهدف يساعدك على تحقيق تلك المعادلة؛ إذ ستتمكن من معرفة ما الذي يواجهونه من مشكلات وماذا يحتاجون؟ ثم تبدأ في تقديمه لهم سواءً في منتجاتك أو حملاتك التسويقية.

أين جمهوري؟

للوصول إلى جمهورك المستهدف؛ فأنت بحاجة إلى أن تتعرف على صفاتهم الأساسية، بحيث يتكون لديك صورة دقيقة عنهم. وتتضمن تلك الصفات:

  • الخصائص الديموغرافية: الجنس والعمر والجنسية
  • الاهتمامات: الرياضة والسفر والتقنية
  • السمات النفسية: السلوك والمبادئ والأحلام
  • أسلوب الحياة: الدخل والتعليم وظروف المعيشة
  • الخلفية الثقافية: الدين والعادات والتقاليد
  • سلوكيات ونية الشراء

وللوصول لتلك الصفات فأنت بحاجة إلى العديد من الخطوات:

ضع عدة افتراضات

بناءً على ما ستقدمه من منتج وخدمة؛ ضع عدة افتراضات بشأن جمهورك المستهدف. على سبيل المثال، إذا كان منتجك تطبيق لتلخيص الكتب الطويلة وقراءتها بذكاء اصطناعي مشابه لصوت الإنسان. 

يمكن أن نفترض حينها أن كِلا الجنسين مهتمون، وأن العمر يتراوح من 25-55 سنة (المحترفون، الطلاب، والقراء النهمون). وأنهم منفتحون أيضًا على التقنيات الجديدة، ومهتمين بإدارة الوقت. كما أنهم يعيشون في بيئة غالبًا تتسم بالسرعة، وتعليمهم جامعي بنسبة كبيرة، ودخلهم متوسط لمرتفع بناءً على نمط حياتهم وكذلك لإمكانية دفع اشتراك لذلك التطبيق.

تلك الافتراضات سترسم لك بعض الخطوط الواضحة كي تبدأ في أبحاثك.

ابحث واستكشف

أظن أن مقالاتي جميعًا لا تخلو من كلمة ابحث! فهي يا عزيزي المُثابر أولى خطواتك نحو الطريق الصحيح. يقدم لك الإنترنت إمكانية الوصول إلى تقارير في شتى المجالات عن جمهورك المستهدف. مثل أحدث التوجهات والإحصائيات والتقارير والمقالات والدراسات أيضًا. وكل ذلك من جهات موثوقة مثل المعاهد والمجلات العلمية والمواقع المتخصصة، والاستشاريين.

استعن بدائرتك

في تلك المرحلة سنطرق جميع الأبواب. لذا؛ يمكنك الاستعانة بدائرة معارفك كالعائلة والأصدقاء وزملاء العمل، لطرح الأسئلة عليهم. والتي يمكن أن تقدم لك جوانب ورؤى جديدة، الأمر يستحق المحاولة.

الأدوات: وما أكثرها

الآن، تقدم المنصات التي يُمكن استخدامها في التسويق أدوات للتعرف على الجمهور المستهدف ثم متابعته بعد بدأ حملاتك الإعلانية؛ مثل:

  • Google Ads Insights Finder
  • Facebook Audience Insights
  • TikTok Insights

تساعدك تلك الأدوات في التعرف على الشرائح المختلفة لجمهورك واهتماماته، بالإضافة إلى الصفحات والتريندات التي يتفاعل معها. وتعمل هذه الأدوات عبر تحليل الحملات الإعلانية والتسويقية التي تطلقها على كل منصة. لذا من المهم استكشافها والتعرف على كيفية استخدامها لتحقيق أهدافك بدقة.

تقمص دور المحقق!

أنت الآن بحاجة لتقمص دور المحقق عزيزي المُثابر؛ إذ ستلاحق جمهورك المستهدف أينما كان. بدايةً من مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المنافسين أو المجموعات التي يتواجدون بها. وذلك لجمع الآراء والتعليقات السلبية والإيجابية أيضًا! ومتابعة النقاشات بين الجمهور لاستكشاف احتياجاتهم ونقاط آلامهم.

وإذا كان لديهم أي مجتمعات رقمية مستقلة فانضم إليها أيضًا. بجانب المواقع الإلكترونية التي تفتح التعليقات لجمهورها، ومنصات التطبيقات مثل Google Play. 

عالم من الشخصيات الخيالية

بعد جمع المعلومات اللازمة لبدء حملاتك التسويقية؛ يمكنك البدء في إنشاء بيرسونا (Persona). وهي تمثيل خيالي لعميلك المثالي بناءً عن ما أثمرت عنه جهودك في البحث. الشخصية الخيالية لديها كل شيء كالشخص الحقيقي تمامًا. أي اسم، وسن، وحالة اجتماعية، وأفكار، وأهداف، وكذلك أحلام وسلوكيات؛ وحتى علامات تجارية مفضلة! وهي من أهم العناصر التي تقوم عليها استراتيجية التسويق الرقمي.

تجعلك البيرسونا تشعر بالتعاطف مع جمهورك المستهدف باعتبارهم أشخاص حقيقيين؛ بالتالي يمكنك التعرف عليهم بشكل أكثر عمقًا. ثم تقديم محتوى مخصص لهم؛ إذ يعتقد 94% من المسوقين أن المحتوى المُخصص يعمل على زيادة المبيعات. وأخيرًا بناء علاقة طويلة الأمد معهم وتحقيق النجاح.

أعد الكَرَّة 

لا تنتهي مرحلة التعرف على جمهورك المستهدف أبدًا؛ إذ يتغير سلوكهم باستمرار مع ظهور المنتجات الجديدة وتطور العادات لديهم. على سبيل المثال؛ غير ظهور الفيديوهات القصيرة من سلوك العملاء في اتخاذ قرارات الشراء. كل ذلك بجانب ظهور المنافسين، بالتالي ستُلزمك تلك العوامل بأهمية متابعة جمهورك المستهدف دائمًا. بمجرد توقفك عن ذلك ستبدأ فجوة بالتكون بينك وبينهم؛ وسينتهي الأمر بفقدانهم. وهو ما نرغب بتجنبه تمامًا.

أخيرًا عزيزي المُثابر؛ مثلما كانت أم كلثوم تعرف جمهورها وتخاطبه بالطريقة التي يحبها، يمكنك أنت أيضًا أن تبني علاقة قوية مع جمهورك وتحقق النجاح الذي تستحقه.لذا ابدأ الآن بتحديد افتراضات حول عملائك المثاليين، ثم انطلق في البحث والاستكشاف.