أتعلم يا عزيزي؟ لطالما رأيت صنع الحلوى فنًا! مزيج دقيق من المكونات المتناغمة؛ والتي يدعم بعضها الآخر. لتخرج في أبهى حُلة وأشهى طعم. حتى أنني عند إعداد الحلوى، لا أُخل بمقدار جرام واحد في المقادير، كي أصل إلى النتيجة المرجوة. وهكذا هو المزيج التسويقي عزيزي المُثابر!
ما هو المزيج التسويقي؟
يمكن اعتبار المزيج التسويقي بأنه الأداة التي نستخدمها داخل خطط التسويق الاستراتيجي لتوجيه الحملة بناءً على عناصر محددة. ويعرف المزيج بالـ 4Ps. فهو يهدف إلى تقسيم الخطة التسويقية إلى أربعة عناصر تبدأ بحرف P.
- المنتج Product
- السعر Price
- الترويج Promotion
- المكان Place
ولكن مع تغير سلوك العملاء واتجاه العالم نحو الرقمية، أصبح ذلك المزيج التسويقي «تقليديًا». ذلك ليس لأنه مطور في القرن الماضي؛ بل لأنه يركز على المنتج أكثر من العميل، كما أنه يخلو من التفاعل مع العملاء. وذلك في حين أن التسويق الرقمي أصبح تفاعليًا؛ إذ يتفاعل العملاء مع العلامة التجارية ويؤثرون على قراراتها.
وكي يتمكن ذلك المزيج التسويقي من معالجة تلك الجوانب ومواكبة تطور التسويق، تطور المزيج إلى مشتقات عدة تغطي المزيد من العناصر المختلفة لتلائم العصر. مثل مزيج 7Ps، ومزيج 8Ps، ومزيج 4Cs الذي نناقشه في هذه المقالة.
هل انتهى عصر الـ 4Ps؟
لا يزال المزيج التسويقي ذا الأحرف P مهمًا؛ لكن ليس وحده، إذ يتكامل مع مزيج تسويقي أحدث يدعى الـ 4Cs. وذلك هو ما يلائمك تمامًا.
رحلة التسويق من الـ P إلى الـ C
في الواقع يبهرني كثيرًا أولئك الأشخاص الذين تمتد رؤيتهم لعقود. خرج المزيج التسويقي 4Cs للعالم في عام 1990 على يد بوب لوتربورن (Bob Lauterborn)، في وقت كان الإنترنت فيه بدأ يتحول من كونه أداة عسكرية وأكاديمية إلى أداة مدنية وتجارية!
يركز المزيج التسويقي 4Cs على العميل بدلًا من المنتج؛ إذ قسمه لوتربورن إلى 4 عناصر:
- العميل واحتياجاته Customer
- التكلفة التي يدفعها العميل Cost
- سهولة التسوق Convenience
- التواصل Communication
ولهذا عزيزي المثابر يتضح لنا أن مزيج 4C هو الأمثل بالنسبة للأعمال على الإنترنت والتسويق الرقمي. فهذا المزيج يركز على احتياجات ورغبات العملاء، وهو أمر سهل على صاحب المشروع الرقمي بفضل سهولة الوصول إلى بيانات العملاء ودراستها لتخصيص خطة التسويق.
ويتضمن المزيج أيضًا جوانب ظاهرة بقوة في المشروعات الرقمية مثل تجربة المستخدم (UX) في عنصر سهولة التسوق، بالإضافة إلى عنصر التواصل الذي يعد جانبًا أساسيًا في أي مشروع رقمي بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمعات الرقمية.
لهذا، يساعدك المزيج التسويقي على تحسين تجربة التسوق لدى العملاء من خلال تخصيص الحملات التسويقية لمنتجاتك الرقمية وخدماتك. فالعميل سيشعر أنك تخاطبه، وأن منتجاتك مطورة خصيصًا لتلبي احتياجاته ورغباته. وهذا يؤدي في النهاية إلى تكوين قاعدة واسعة من العملاء الأوفياء لعملاتك التجارية، ما سيرفع من مبيعاتك بالطبع.
أخيرًا، يعزز المزيج 4C من مبدأ التواصل بين العلامة التجارية والعميل. ولهذا يمكنك الاستفادة من تعليقات وتجارب علمائك لتحسين المنتج أو الخدمة بصورة مستمرة، أو حتى تطوير منتجات رقمية جديدة تحل مشاكل عملائك ونقاط آلامهم.
رغبات واحتياجات العميل (Customer wants and needs)
تركزالـ C الأولى على رغبات واحتياجات العملاء، أو بمعنى آخر «القيمة التي يحصل عليها العميل». ولهذا أنت بحاجة إلى فهم جمهورك المستهدف. ذلك من خلال تحديد خصائصهم وإجراء الأبحاث السوقية ومراقبة سلوكهم الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي ومتاجر التطبيقات.
ولهذا، عند تصميم الخطة التسويقية ستحتاج إلى إبراز المزايا الموجودة في منتجك التي تلبي رغبات عملائك المستهدفين وتخاطب نقاط آلامهم. فعلى سبيل المثال، أنت طورت تطبيق لإدارة العيادات الخاصة عبر الهاتف الذكي. ويعاني الأطباء من التطبيقات المعقدة التي تحتاج إلى أجهزة كمبيوتر ومهارات حاسوبية متقدمة لاستخدامها.
الآن عزيزي المثابر حصلت على نقطة ألم واحتياج قوي لدى عملائك من الأطباء يُمكن أن تركز عليها في محتوى خطتك التسويقية. ولهذا ستحتاج إلى التأكيد والتركيز على بساطة تطبيقك وسهولة استخدامه في أي مكان عبر الهاتف الذكي.
التكلفة Cost
أما الـ C الثانية عزيزي المُثابر فهي التكلفة الإجمالية التي يتحملها العميل لإشباع احتياجه أو حل مشكلته من خلال منتجك الرقمي. ويشمل هذا العنصر سعر المنتج أو حتى سعر الاشتراك إذا كنت تُقدم خدماتك في ضمن باقات شهرية أو سنوية.
يجب أن تراعي الخطة التسويقية جانب التكلفة التي تقع على العميل. فالخطة المصممة على مزيج 4C يجب أن تُظهر للعميل أنه سيحصل على أفضل قيمة مقابل أفضل سعر. كما يجب أن تنتبه أيضًا إلى الشريحة العمرية التي تضم عملائك. فإذا كنت تستهدف المراهقين والشباب يجب أن تُركز في الخطة التسويقية على أن أسعارك تنافسية واقتصادية، لأن هذه الشريحة تهتم بهذا الجانب.
سهولة التسوق (Convenience to Buy)
أما الـ C الثالثة، فهي عن تجربة الشراء الكاملة لمنتجك الرقمي. من المهم أن يتمكن عملائك من الوصول إلى منتجك بسهولة ودون تعقيدات. لذا، تأكد من توفير المعلومات الكافية حول المنتج، سواء كانت المواصفات، أو طريقة الاستخدام، أو خطوات الشراء.وإذا كنت تمتلك متجرًا إلكترونيًا، فيجب أن يتميز بواجهة استخدام سلسة، مع خيارات دفع متعددة تناسب مختلف العملاء في الشريحة التي تستهدفها.
التواصل (Communication)
والآن وصلنا للـ C الأخيرة! والتي يمكننا من خلالها إبراز كل تلك الجهود التسويقية من الـCـيهات السابقة! نحن في زمن التواصل يا عزيزي؛ عندما تتفاعل مع عملائك بشكل شخصي وودود واحترافي في الوقت ذاته؛ فإنك تكسب ولائهم ووفائهم على المدى الطويل.
ولهذا يجب أن تعتمد خطتك على أنشطة تسويقية تهتم بعنصر التواصل، مثل التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمعات الرقمية، والتسويق بالبريد الإلكتروني. فهذا العنصر يساعدك في التواصل مع عملائك وفهمهم لتطوير وتحسين خطتك التسويقية وتعزيز وجهتها نحو العملاء.
مثال تطبيقي على المزيج التسويقي 4Cs
لنأخذ مثالاً على تطبيق مزيج الـ4Cs على تطبيق رياضي لمتابعة اللياقة البدنية
رغبات واحتياجات المستهلك (Consumer Wants and Needs)
- إبراز المزايا القوية التي يحتاجها العملاء، مثل مراقبة السعرات الحرارية المستهلكة، ومعدل الحرق على مدار الساعة.
- استخدام الإعلانات المُوجهة على وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى المهتمين باللياقة البدنية.
التكلفة (Cost)
- إبراز أن التطبيق يتضمن خطة مجانية مع إمكانية الترقية إلى خطة مدفوعة تحتوي على مميزات إضافية
- توفير خطط اشتراك مرنة (شهرية، سنوية، تجريبية) لجذب مختلف الفئات.
سهولة الشراء (Convenience to Buy)
- التطبيق متاح على جوجل بلاي وأبل ستور .
- خيارات دفع متعددة (بطاقات ائتمان، PayPal، جوجل باي، آبل باي).
- تصل للعميل إشعارات بخصومات وعروض مُخصصة مثل؛ عروض على خطط تدريبية بعد بلوغ أهداف معينة.
التواصل (Communication)
- التطبيق يوفر طرقًا متعددة للتواصل مع العملاء، سواء من خلال دعم العملاء عبر البريد الإلكتروني أو الدردشة المباشرة.
- بناء مجتمع رقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- إمكانية تخصيص خطط الاشتراك بطريقة تفاعلية، حيث يتمكن كل عميل من اختيار ما يناسبه.
تطبيق ذلك المزيج التسويقي ضمن خطتك التسويقية سيصل بك إلى التوازن المثالي بين تلبية احتياجات عملائك وتحقيق أهدافك. لكن لا تمل البحث والتخطيط أبدًا. فذلك هو عالم الأعمال! وتأكد أن المنتجات الرقمية التي تقدم قيمة حقيقية بجودة عالية لن تخذلك؛ إذ ستقدم لك دخلًا سلبيًا يزيد حسابك البنكي حتى أثناء نومك، وهذا ما يرغب به الجميع. لذا؛ ابدأ في التسويق لمنتجك ولا تخش التجربة ابدًا.