كيف تضع خطة ناجحة لمشروعك الرقمي بخطوات عملية؟

التخطيط في المشاريع الرقمية
التخطيط في المشاريع الرقمية

مع كل تجربة أخوضها في مجال العمل عبر الأنترنت يزداد حماسي لتطوير مسيرتي بامتلاك مشروعي الرقمي الخاص، لأنتقل من مستوى «كن جزءًا من مشروع» إلى مستوى «كَوِّن مشروعًا». لكن وسط ثورة الأفكار والطموح يبرز سؤال هام هو الفاصل في نجاحي ونجاح أي صاحب مشروع رقمي: كيف نحول الأفكار إلى واقع بشكل ناجح؟ الإجابة في كلمة واحدة؛ التخطيط!

ما هو التخطيط؟

التخطيط هو دراسة متكاملة للمشروع تشمل عدة جوانب، تتميز بالمنهجية ووضوح الأهداف وتحديد الخطوات العملية التي تسمح بنقل مشروعك الرقمي من مرحلة الفكرة إلى مرحلة التنفيذ.

لماذا يحتاج مشروعك الرقمي إلى خطة؟

لتستوعب الإجابة عزيزي المثابر، دعنا نقلب السؤال؛ ما المشكلة في أن يكون عملك على مشروعك الرقمي عشوائيًا؟

حسنًا، قد تظن أنها ليست مشكلةً كبيرةً. لكن عدِّد معي؛ ستعاني من بعض المشاكل التقنية التي كان يمكن تفاديها بالدراسة، مع قلة المتابعين بسبب عدم فهم شريحتك المستهدفة. بالإضافة إلى مبيعات هزيلة أو شبه منعدمة لمنتجاتك الرقمية بسبب غياب خطط تسويقية، مع مماطلة في الإنجاز بسبب تحكم المزاج وغياب الجدول الزمني. ناهيك عن الكثير من الصداع والإحباط بسبب عدم فهم ما يحدث لمشروعك!

التخطيط إذًا يُجنبك الكثير من العقبات والخسائر، ومع التوزيع الزمني ودوام المتابعة سيكون مساعدًا لك على الالتزام والتحفيز. صحيح أنه قد يأخذ منك بعض الوقت، لكنه بالتأكيد لن يكون أطول من الوقت الذي ستخسره إذا عملت بشكل عشوائي.

لذلك، خذ ورقةً وقلمًا وتعال لنتعرف بشكل عملي على كيفية وضع خطة ناجحة لمشروعك الرقمي.

أولًا..هل تعرف مشروعك؟

قد يبدو سؤالًا ساذجًا، لكنه في الواقع أهم سؤال يجب أن تجيب عليه بالتفصيل قبل أن يبدأ مشروعك أصلًا! ليس المقصود بهذا السؤال تسمية المشروع، بل المقصود وضع تصور واضح لمختلف جوانبه كالتالي:

ماذا تريد؟

متجر إلكتروني لبيع منتجاتك أو منتجات شركات أخرى؟ أم مدونة شخصية لنشر أعمالك والحصول على عملاء لخدماتك؟ موقع دورات تعليمية مدفوعة؟ قناة يوتيوب؟ عليك أن تُحدد طبيعة المشروع بوضوح وطرق تحقيق الدخل.

ما هو النيتش الذي ستختاره؟

يعبر «النيتش» عن المجال الذي ستؤسس مشروعك فيه؛ إذا كنت تريد إنشاء قناة على اليوتيوب مثلا، فعليك أن تحدد طبيعة المحتوى الذي ستشاركه فيها؛ محتوى طبي، أو سفر، أو طبخ، وغيرها. بالتأكيد ستحتاج إلى إجراء بحث عن أكثر المجالات طلبًا وأقلها منافسة حتى يحظى محتواك بالاهتمام والانتشار. ومن المهم أيضًا أن تضع فيه بصمتك الخاصة لتمنحه روحًا وجاذبية.

ما هي شريحتك المستهدفة؟

أنشأت قبل سنوات قناة على اليوتيوب بهدف مشاركة نصائح وشروحات لبعض الدروس مع زملاء تخصصي. ومع الوقت عملت على مشاركة فيديوهات متنوعة كل واحد منها قد يفيد شريحة مختلفة. ما لاحظته هو أن الفيديوهات الموجهة إلى زملاء تخصصي كانت الأنجح إذ حققت عشرات الآلاف من المشاهدات، والسبب يمكن في النقاط التالية: 

  • شريحة مستهدفة واضحة: طلبة الصيدلة.
  • معرفة نقطة الألم: معظم الطلبة يعانون من صعوبة فهم بعض الجزئيات في الكيمياء.
  • التميز في تلبية الاحتياج: تقديم معلومات قيمة يبحث عنها معظم المتخرجين بناءً على التجربة وبأسلوب مبسط ومختصر.

لا يصح أن تترك مشروعك فضفاضًا يستهدف الجميع. فالمشروع الناجح لابد أن يستهدف شريحة محددة ويحللها ليفهمها بعمق ويحقق أفضل النتائج.

ما الذي يميزك؟

إذا افتتحت متجرًا إلكترونيًا لبيع منتجاتك فلابد أن تتخيل نفسك مكان العميل وتتساءل: ما الذي سيحفزني على الشراء من هذا المتجر دون غيره؟ ما المميز في منتجاته حتى أختارها بدل المنتجات الموجودة في المحل الذي يبعد بضعة أمتار من منزلي؟

الإجابة الصريحة ستكشف لك عن مدى توفر قيمة فريدة تحفر لمشروعك الرقمي مكانًا في سوق العمل وتجذب إليك العملاء باستمرار. إنها ببساطة سر الوصفة الذي يميزك عن أقرانك، وبدونه سيكون من الصعب عليك النجاح وسط منافسيك.

كيف تضع خطة عمل ناجحة؟

ما رأيك أن نأخذ مشروعي الرقمي كنموذج لشرح الخطوات؟ سيسهل ذلك عليك تطبيقها على مشروعك الخاص. يتمثل مشروعي في مدونة شخصية تجمع بين مشاركة خبراتي في مجالات محددة، وبين تقديم خدماتي ومنتجاتي الرقمية. بعد وضع تصور واضح له وفق ما شرحناه سابقا، تأتي مرحلة وضع خطة عمل مفصلة كالتالي:

تحديد أهداف ذكية

تعتمد كتابة الأهداف على قاعدة SMART وتعني أن يكون الهدف:

  • محددًا Specific: إنشاء موقع يتضمن قسما للمحتوى وقسما لعرض الخدمات والمنتجات والدورات لتحقيق دخل يعوض الوظيفة.
  • قابلًا للقياس Measurable: الحصول على 20 مشتركا في دوراتي بعد 6 أشهر من إطلاق الموقع.
  • قابلًا للتحقيق Attainable: أمتلك مهارتيْ الكتابة الإبداعية وتصميم العروض التقديمية، ولهذا أستطيع إنشاء وتسيير موقع يقدم خدمات كتابية واستشارية في مجال العروض التقديمية إضافة إلى دورات تدريبية في احتراف الباوربوينت. لو لم أمتلك تلك المهارات فمن العبث أن أفكر في إنشاء موقع كهذا أديره بنفسي!
  • واقعيًا Realistic: عمليًا لن أكون متفرغة بشكل كامل خلال هذا الشهر، ما يعني أن وتيرة عملي على الموقع ستكون بطيئة في البداية، ولهذا ليس من الواقعي أن أهدف إلى إطلاقه الآن.
  • محدد زمنيًا Time-bound: لابد أن أنهي إنشاء وترتيب الموقع خلال شهرين، لو تركت المجال مفتوحا فسأتراخى عن العمل مما يؤخر ظهور النتائج.

تحديد الأولويات

ليست المهام على درجة واحدة من الأولوية رغم أهميتها جميعًا. في نموذجي مثلًا؛ إدراج خدماتٍ أمتلك فيها معرضَ أعمالٍ غنيًّا أولى من العمل على إضافة خدمة جديدة. وتعزيز حضوري على القنوات الرقمية أولى من تأسيس المجتمع الرقمي لأن هذا الأخير يعتمد على قوة علامتي التجارية ويتطلب جهدًا ووقتا كبيريْن.

الوعي بتباين الأولويات يساعدك على اتخاذ القرارات الصعبة بالتخلي عن بعض المهام مؤقتًا لأجل مهام أكثر استعجالًا وأهمية، لأن الخطة ستكون عرضةً لمتغيراتٍ وظروفٍ تحتم التكيف والمرونة.

التحليل

يعني دراسة العوامل الداخلية والخارجية التي ستؤثر على المشروع الرقمي اعتمادا على تحليل SWOT كالتالي:

  • نقاط القوة: خبرة سنوات في الكتابة الإبداعية، مهارة تصميم الباوربوينت، القدرة على تبسيط المعلومات.
  • نقاط الضعف: نقص في المعرفة باستراتيجيات التسويق، ضعف الميزانية حاليًا.
  • الفرص: طلبات من متابعي حسابي الشخصي من أجل تقديم دورة في التصميم بالباوربوينت والاستمرار في الكتابة بأسلوب مؤثر.
  • التهديدات: مشاكل في توفير بطاقات الدفع الالكتروني في بلدي.

تحديد المهام

تحويل المشروع إلى واقع لا يكون دفعة واحدة، بل يتم وفق مراحل يشكلُ كلٌّ منها مَعلمًا على الطريق ليسهل المتابعة. ثم تُقَسَّم كل مرحلة إلى مهام صغيرة وفق مبدأ «فرق تسد» ليسهل التنفيذ. وبالاعتماد على تحليل SWOT الذي أجريناه لاستثمار المعطيات الإيجابية وطرح حلول للمعطيات السلبية، فستكون المهام كالتالي:

الإنشاء

  • حضور دورات في الووردبريس لفهم نظام إدارة المحتوى.
  • الاستعانة بمتخصصين من خمسات في إنشاء موقع على ووردبريس بأسعار معقولة لتنفيذ بالمهام التقنية التي تصعب عليّ.

التعمير

  • إضافة محتوى الصفحات الثابتة (من نحن، وسياسة الخصوصية).
  • إضافة مقالة إبداعية جذابة تعكس خبرتي في كل قسم.
  • إدراج وترتيب الخدمات والمنتجات إضافة إلى دورتي في احتراف الباوربوينت.
  • توفير إمكانية التواصل عبر الإيميل لطلب استشارات مجانية في مجالات خبرتي كمراجعة النصوص لإثرائها بملاحظاتي أو الاستفسار عن مشاكل تقنية في الباوربوينت.
  • إدراج روابط حساباتي على خمسات ومستقل ومتجر بيكاليكا لطلب الخدمات والمنتجات من خلالها لأنها أفضل طريقة متاحة للدفع والاستلام في ظروفنا الحالية.

التسويق

الإنتاجية

  • كتابة محتوى دوري (مقالة أسبوعيا مثلًا).
  • تحديث معرض الأعمال دوريًا.
  • إضافة خدمات ومنتجات جديدة بناء على تفاعل الجمهور.

تحديد المواعيد النهائية

كما هو الحال في الأهداف الذكية، لابد من تحديد تاريخٍ لإنهاء كلِّ مهمة من المهام التفصيلية مع مراعاة الظروف والالتزامات الأخرى، بعدها يمكن تحديد المدة الزمنية التي تحتاجها كل مرحلة.

لكن انتبه! يجب ترك مساحة وقت فارغة لإدارة الحالات الطارئة أو إضافة مهام جديدة أو إنهاء مهام تأخر تنفيذها لتفادي الشعور بالضغط أو الإحباط لاحقا.

تحديد التكاليف

يجب أن تتضمن الخطة التكاليف الكلية لتشغيل المشروع. في مشروعي مثلًا سأحتاج إلى دفع مستحقات الخبراء الذين سأستعين بهم، وشراء اسم النطاق، ودفع اشتراك الاستضافة السنوي وتخصيص ميزانية للتسويق. كل منها لابد أن أحدد سعره التقريبي وأقارنه مع ميزانيتي المتاحة لاتخاذ القرارات المناسبة.

تحديد مؤشرات الأداء

هي مجموعة من المؤشرات القابلة للقياس، تعمل بمثابة المرجعية التي تمكنك من تقييم أداء مشروعك ومعرفة مدى نجاحك دوريا. إليك مثالًا عن مؤشرات الأداء التي أضعها لمشروعي خلال السنة الأولى:

  • متوسط عدد الزيارات الشهري: 5000 زائر.
  • حجم المبيعات الشهري: 50 عملية شراء لمختلف الخدمات والمنتجات.
  • معدل التحويل الشهري: 1%

راقب وعدِّل

بعد إطلاق المشروع ستحتاج إلى إحصائيات وتحليلات تساعدك على مراقبة العمل، وتمكنك من معرفة التعديلات التي تحتاجها الخطة. في موقعي مثلًا، سأحتاج إلى تحليل المبيعات والتفاعل ومصادر الزيارات والأداء التقني للموقع. إذا وجدت ضعفًا في حجم المبيعات مع ضعف في أداء صفحاتي على وسائل التواصل؛ سأبدأ بتجربة استراتيجيات تسويقية جديدة. وإن وجدت تفاعلًا من الجمهور مع موضوع معين فسأركز عليه أثناء كتابة المحتوى.

وأنا أكتب هذه الفقرة راودني تساؤل أفترض أنه سيراودك أيضا؛ ألا نحتاج إلى أدوات تسهل علينا كتابة كل هذه التفاصيل؟ بلى عزيزي المثابر، تعال لنكتشفها معا.

ما أدوات العمل التي تحتاجها؟

أداة أنا لإدارة المشاريع

تتيح لك الأداة كتابة المهام وتنظيمها ومتابعتها في لوحات سهلة التحكم، إضافة إلى إدراج المفكرة وكتابة الملاحظات وإجراء المحادثات مع فريقك. ما أحببته في الأداة حقًا أنها منصة عمل أونلاين تضمن لي حفظ أفكاري وخططي دون الحاجة إلى وسائل تخطيط أخرى. كما أنها تتيح لي متابعة العمل من أي مكان عبر الهاتف الذكي خصوصًا مع كثرة تنقلاتي. يُمكنك البدء مباشرةً في استخدام أداة أنا عبر القوالب المُخصصة والمُعدة مسبقًا لإدارة المهام.

أدوات التحليل

إذا كان مشروعك الرقمي موقعا إلكترونيا فلا يمكنك الاستغناء عن أدوات التحليل سواء في مرحلة كتابة المحتوى أو إلإعلان عن منتجاتك:

  • مؤشرات جوجل (Google trends): تتيح لك استكشاف عمليات البحث الرائجة حسب الموقع الجغرافي والمناسبات الحالية، إضافة إلى تقديم مقارنات بين الكلمات المفتاحية. وهو ما يساعدك على اختيار الكلمات التي تساعد مقالاتك على تصدر نتائج البحث.
  • مخطط الكلمات الرئيسية من جوجل (Google keywords planner): يقدم لك معلومات أكثر دقة عن حجم استخدام الكلمات المفتاحية شهريًا ويساعدك على اختيار الكلمات المفتاحية الأكثر صلة بمنتجك الرقمي أو خدماتك.

بعد هذه الرحلة الشيقة التي استمتعت بها معك في عالم التخطيط، أنتظر منك عزيزي المثابر أن تضع قدمك على طريق التنفيذ لتستمتع بتجسيد أفكارك وتحويل طموحاتك إلى واقع. تذكر دائما بأن لذة الإنتاجية تغلب ألم الاجتهاد، ولا تنس بأننا في مثابر موجودون لأجل مرافقتك في صناعة قصة نجاحك والإجابة بمواضيعنا عن كل انشغالاتك. كن مثابرًا وأطرب مسامعنا بأخبار سارّةٍ عن مشروعك الرقمي!