في عام 2014، التحقت بكلية طب الأسنان تحقيقًا لحلم والدتي. لم أكن شغوفًا بهذا المجال على الإطلاق؛ فقد كان المجال التقني وعلوم الحاسوب على رأس شغفي واهتماماتي. ورغم أن هذا المجال يُمكن احترافه بسهولة عبر دورات الإنترنت؛ واجهت تحديات في تعلمه بسبب صعوبة دراستي الجامعية.
نظرًا لذلك الشغف؛ كانت الكتابة نافذتي على هذا العالم الرقمي، فهي المنفذ الوحيد الذي عبرت من خلاله عن شغفي بمجالي المفضل. وسرعان ما تطوعت في المجلات الرقمية والمدونات فور التحاقي بالكلية؛ متخصصًا في الكتابة والترجمة بالأمور التقنية؛ لأكتشف شغفًا جديدًا حول كل ما يخص صناعة المحتوى.
وبعد قرابة العشر سنوات من التدوين، أصبحت محترفًا في كتابة مختلف أنواع المحتوى. وتمكنت أخيرًا من تحويل مساري المهني الذي لا أحبه إلى مسار يجعلني أستيقظ متلهفًا للعمل. واليوم عزيزي المُثابر سأفتح لك نافذتي لترى منها عالم كتابة المحتوى، الذي بنيته بخبرة طويلة أضعها الآن بين يديك.
ما هو التدوين الرقمي؟
التدوين الرقمي هو تسجيل الأخبار والمعارف والمشاعر في نصوص منشورة على الإنترنت. ويرجع تاريخ نشأة هذا النشاط الرقمي إلى تسعينيات القرن الماضي، حين نُشرت أول مدونة على الإنترنت في عام 1994 بعنوان Links. وفي العقد ذاته، انطلقت المنصات الرقمية التي تُقدم أدوات وموارد لكل من يرغب في دخول هذا العالم؛ مثل منصة بلوغر Blogger الشهيرة التي استحوذت عليها جوجل لاحقًا، ومنصة Xanga، وLive Journal.
أشعلت هذه المنصات فتيل الإبداع عند صناع المحتوى الأوائل. وبدأ مفهوم المدونات في الانتشار؛ حتى أصبح بإمكان كل مستخدم للإنترنت إنشاء مدونته الخاصة. كنت أتصفح المدونات آنذاك كأنني أبحر في محيط واسع؛ أتنقل بين جزيرةٍ وأخرى. فهذه الجزيرة أحصل منها على تجارب حياتية من ثقافة مختلفة، وتلك الجزيرة أحصل منها على نصائح ومعلومات حول تعلم البرمجة.
استمر مفهوم التدوين في التطور، ليظهر نظام إدارة المحتوى الأشهر WordPress في عام 2003. وكان هذا النظام نقطة انطلاق في عالم التدوين. فقد فتح المجال أمام تصميم وإنشاء مدونات احترافية تبدو وكأنها مجلات أو صُحف منشورة على الفضاء الرقمي، إلى أن أصبحت المدونات واحدةً من أهم وسائل تحقيق الدخل السلبي على الإنترنت.
عندما كنت أُتابع المدونات في طفولتي، لم أتصور يومًا أنني سأعمل في هذا المجال.
أهمية التدوين في الأعمال الرقمية
يُعد التدوين ضمن أهم الأدوات الأساسية التي تُساهم في نجاح الأعمال الرقمية؛ إذ يُعتبر التسويق بالمحتوى أحد الأنشطة الرئيسية التي تقوم عليها استراتيجية التسويق الرقمي الناجحة. وتكمن قوة التسويق بالمحتوى في قدرته على مخاطبة مشاعر الجمهور. ولهذا يُركز المحتوى التسويقي على عنصر «التأثير».
فعند كتابة محتوى مؤثر يُخاطب نقاط الألم عند جمهورك، سيتكون وعيًا عند الجمهور بأنك قريبٌ منهم، وتشعر بهم وبآلامهم. بعد ذلك سيكون الجمهور مستعدًا لاستقبال ما تقدمه، هل ستتمكن فعلًا من مخاطبة نقاط آلامهم؟ هل تمتلك الحل؟ إذا نجحت في تحقيق ذلك عزيزي المثابر فقد اكتسبت المزيد من العملاء!
💡نقاط الألم نقاط الألم هي التحديات التي يواجهها العملاء في سوق مُعينة وتُعيقهم عن اتخاذ قرار الشراء. ويُمكنك استغلال هذه النقاط عند الجمهور المستهدف لتقديم حلولًا حتى تدفعهم إلى الشراء، وتكسب ولائهم. |
يساعد التدوين أيضًا على الاحتفاظ بالعملاء؛ إذ يُمكنك استخدام مدونة مُلحقة بأعمالك الرقمية لنشر كل جديد حول منتجاتك وخدماتك التي تُقدمها. ويُمكنك أيضًا نشر المحتوى الإرشادي بما يتعلق بالمجال الذي تستهدفه. بهذه الطريقة، ستضمن ارتباط عملائك بعلامتك التجارية. وهي أحد أهم مقومات النمو والنجاح في الأعمال الرقمية، والمشاريع عمومًا.
ولا ننسى أيضًا دور تحسين محركات البحث (SEO)، وهي الممارسات التي تتبعها أثناء كتابة المحتوى وتحسين ترتيب الموقع على صفحات نتائج البحث. فهي الوسيلة التي تضمن لك وصول العملاء الجُدد باستمرار إلى موقعك.
احترف التدوين: مجالات العمل في كتابة المحتوى
لعلك أدركت الآن مدى أهمية التدوين في نجاح الأعمال الرقمية. ولكن ما هي مصادر الدخل الفعلية التي يُمكنك تحقيقها من هذا المجال؟ إذا أردت احتراف هذا المجال، فهناك طريقان:
- تأسيس مدونة ربحية.
- العمل الحر.
انشئ مدونتك الخاصة
يُمكنك اتخاذ هذا الطريق إذا كنت ترغب في بناء وتأسيس عملك الخاص على الإنترنت. ولكن تتطلب هذه الخطوة بعض المهارات في مجالات مختلفة غير كتابة المحتوى، مثل مهارات الإدارة والتخطيط والتسويق الرقمي. فالأمر أشبه بتأسيس مشروع صغير.
ابدأ بتحديد المنصة التي تستخدمها في إنشاء مدونتك. وأنصحك الآن باستخدام نظام WordPress. ولكن ضع في اعتبارك أنك ستحتاج إلى مطور متخصص في نظام الووردبريس لإنشاء مدونتك. ويُمكنك زيارة منصة خمسات لتتصفح خدمات المطورين المستقلين في مجال إنشاء مواقع ووردبريس.
تتعدد مصادر الربح من المدونات. فعلى سبيل المثال، يُمكنك أن تجعل مدونتك متخصصة في نيتش (Niche) أو مجال مُحدد. بعد ذلك سيكون هدفك هو الوصول إلى الجمهور وبناء قاعدة كبيرة من المتابعين والقراء المهتمين بهذا النيتش. وحينها ستتمكن من إجراء الشراكات التسويقية مع الشركات التي تُقدم خدماتها ومنتجاتها فيما يتعلق بذلك النيتش.
فعلى سبيل المثال، إذا كانت مُدونتك تتحدث عن الأجهزة الذكية، يُمكنك إجراء الشراكات مع أصحاب متاجر الهواتف والحواسيب للترويج لمتاجرهم على مدونتك، بل يُمكنك أيضًا الوصول إلى الشركات التقنية المُطورة لهذه الأجهزة بهدف مراجعتها وإبرازها على مدونتك كحملة تسويقية مدفوعة.
💡نيتش (Niche) يُشير النيتش إلى التخصص الدقيق الذي تُركز عليه. وهو يُعبر غالبًا عن مجال فرعي متخصص يجذب فئة فرعية من الجمهور له اهتمامات واحتياجات مختلفة عن عموم الجمهور. على سبيل المثال، المجال التقني هو مجال عام له جمهور واسع يهتم بكل ما يخص التكنولوجيا. لكن إذا تخصصت في مجال تقني مُحدد كتقنيات الووردبريس؛ فهذا هو النيتش. |
يُمكنك أيضًا تطوير منتجاتك الرقمية الخاصة بما يتناسب مع نيتش مدونتك. وهنا تستفيد من جمهورك الواسع وثقته في الهوية التي صنعتها بمحتواك الاحترافي. فإذا كنت تستهدف نيتش الووردبريس، تستطيع تطوير قوالب وإضافات وتبيعها بسهولة لجمهورك المهتم بهذا النيتش. وإذا كانت مدونتك ذات طابع فني أدبي، تستطيع تطوير كتب إلكترونية وتبيعها للجمهور المتلهف لقراءة كل كتاباتك.
وهناك أيضًا خدمة جوجل أدسنس (Google Adsense) لإضافة الإعلانات إلى المدونة وتحقيق الدخل السلبي منها. وسيظل الدخل مستمرًا شرط أن تحرص دائمًا على تطوير المحتوى وتحسين جودته لضمان الحفاظ على جمهورك، مع جذب المزيد من المتابعين إلى المدونة. وهو ما سنُناقشه لاحقًا في هذه المقالة.
أخيرًا، بعد تكوين خبرة واسعة في هذا العالم. يُمكنك تطوير دورة مدفوعة عبر الإنترنت (Online Course) لتُرشد المبتدئين الراغبين في بناء مدوناتهم الخاصة. وهنا تستغل نجاحك في جذب العملاء المحتملين الذين يثقون في خبراتك الطويلة بهذا المجال. ويُمكنك أيضًا أن تبيع خدمات استشارية في مجال التدوين كخبير في بناء المدونات الناجحة.
العمل الحر
طريقك الثاني للربح من التدوين هو العمل الحر؛ إذ يمكنك الحصول على وظيفة كاتب محتوى. وقد تعمل في كتابة المحتوى التسويقي كما ذكرنا بالأعلى، وستحتاج إلى تطوير مهاراتك في التسويق الرقمي وتحسين محركات البحث. ويُمكنك أيضًا الاتجاه إلى مجال الصحافة والإعلام، حيث تكتب في المواضيع المُتخصصة، مثل الإعلام التقني، والسياسي، والإخباري، والفني، وغيرها من المجالات الصحفية.
لكن كيف يُمكن أن أحصل على هذه الوظائف؟ وهل يُمكن أن أبدأ في هذا المجال دون خبرة سابقة؟
أولًا اختر مجالًا مناسبًا لاهتماماتك من مجالات كتابة المحتوى التي ذكرناها. ويُمكنك التخصص في نيتش مُحدد تُفضله؛ حيث ستكون قادرًا على الإبداع وتتمكن من احتراف الكتابة في هذا النيتش. بعد ذلك سجل بإحدى منصات العمل الحر، مثل منصة مستقل، وأضف عروضك على المشاريع المختلفة. ولكن ماذا عن الخبرة وسابقة الأعمال؟
اعرض عينة من كتاباتك في هيئة مستندات بمعرض أعمالك على المنصة. وإذا كانت كتاباتك ذات جودة عالية وتتفق مع أهداف المشروع؛ فقد يقبل صاحب المشروع عرضك، خاصةً إذا وضعت أجرًا أقل من الكتاب الخبراء؛ نظرًا لأنك ما زلت في بداية الطريق. ولكن سأخبرك الحل الأفضل لهذه المشكلة بناءً على تجربتي السابقة في دخول هذا المجال.
عندما اخترت دخول هذا المجال منذ أكثر من 10 سنوات، كنت أراسل المجلات الرقمية المشهورة، وأعرض لهم عينة من كتاباتي مع رسالة تطوع تُفيد باستعدادي التام للعمل معهم دون أجر. ونظرًا لاهتمامي بجودة المقالات، كنت أحصل سريعًا على الموافقات. وأبدأ في تطوير مهاراتي في كتابة المحتوى بالممارسة العملية. وخلال أشهر قليلة، أصبح لدي معرض أعمال مُكتظ بالمقالات الاحترافية المنشورة على الإنترنت!
تابع أولًا المجلات الرقمية المشهورة. بعد ذلك اختر تصنيفًا تُفضله. ثم حدد موضوع مقالتك الأولى، وتذكر أن تُراجع المجلة وتتأكد أن الفكرة أصلية وغير منشورة مُسبقًا. وإذا كانت منشورةً بالفعل، حاول أن تطرحها من زاوية مختلفة تُعطي قيمة مُضافة إلى القارئ. ابدأ بكتابة مقالك الأول واهتم جيدًا بجودة المحتوى، ثم راسل المجلة عبر البريد الإلكتروني، وأرفق مستند مقالك الأول مع طلب للتطوع.
ولكن ماذا إن لم تحصل على موافقة من المجلة، هل أهدرت وقتك؟ لا يا عزيزي؛ فقد أضاف هذا المقال إلى خبراتك، ويمكنك المحاولة مع مجلة أخرى، أو حتى عرضه في هيئة مستند بمعرض أعمالك على منصات العمل الحر.
أسرار جودة المحتوى
ربما لاحظت أنني كررت «جودة المحتوى» عدة مرات في الفقرة السابقة. فكما أخبرتك؛ الحالة الاستثنائية التي تجعل صاحب العمل يتغاضى عن بند الخبرة ويُوظفك مباشرةً هي جودة المحتوى. إليك أهم النصائح النابعة عن خبرة سنوات في هذا المجال.
التخطيط أساس النجاح
التخطيط هو أهم عناصر النجاح في بناء أي عمل، وذلك ينطبق بالفعل على بناء المقالات. قبل إعداد أي مقالة، صمم هذه البطاقة أدناه، وخطط جيدًا لمقالتك على النحو الآتي:
فكرة المقالة | اكتب الفكرة الرئيسية لمقالتك |
الشريحة المستهدفة | حدد الجمهور المستهدف لمقالتك؛ حتى يكون المحتوى مُوجهًا إلى جمهورك ليشعر وكأنك تُخاطبه مباشرةً، وتشعر به، وتفهم نقاط آلامه، وما يبحث عنه. |
زاوية الطرح | حدد الزاوية التي ستطرح بها أفكارك. وتحديد زاوية الطرح يكون معتمدًا على النيتش والشريحة المستهدفة. |
الأهداف | ماذا تهدف بهذه المقالة؟ ما هي القيمة المُضافة التي ستضيفها إلى القارئ؟ احرص على الاهتمام بهذا العنصر حتى تُنتج مُحتوى مميز يُضيف للقارئ قيمة حقيقية. |
أنصحك أن تُصمم هذه البطاقة وتضعها في مستند المقالة قبل العمل. وراجع البطاقة في كل مرة تستأنف فيها العمل على المقالة. بهذه الطريقة ستضمن ألا تحيد عن أهداف المقالة، وستتأكد أن كل كلمة تكتبها مُوجهة إلى الجمهور المستهدف.
خاطب المشاعر، العقل ليس كافيًا
عندما كنت أعمل في أحد مشاريع إثراء محتوى ويكيبيديا العربية، كان المشرفون يؤكدون على ضرورة تكثيف المعلومات في جمل قصيرة. كان الهدف الأول في ويكيبيديا كتابة محتوى معرفي مُكثف دون مخاطبة أي جانب عاطفي عند القارئ. لكن لماذا؟
ويكيبيديا هي موسوعة معرفية على الإنترنت، تُخاطب عقل القارئ في المقام الأول. الهدف هو إنشاء مرجع معرفي ضخم، يصل إليه القارئ باحثًا عن بعض المعلومات المحددة. ولهذا كنا نتجنب أي أحاديث جانبية تُشتت القارئ عن هدفه. ومجرد أن يصل القارئ إلى المعلومة التي يبحث عنها، على الأغلب سيغلق الصفحة دون قراءتها كاملةً.
فهل هذا ما نسعى إليه في مقالاتنا الإبداعية؟ بالطبع لا، أنت تهدف إلى بناء هوية وقاعدة جمهور، تسعى إلى جذب المتابعين والحفاظ عليهم. هدفك الأول أن ينتظر المتابعون مقالاتك متلهفين لقراءتها. إذًا لن تكون مخاطبة العقل كافيةً أبدًا. الحل هنا أن تُخاطب مشاعر القراء، وتبتعد تمامًا عن الكتابة الموسوعية.
لتحقيق ذلك ستحتاج إلى الخروج عن المألوف في الكتابة. اكتب القصص المُعبرة وضعها في محتواك ضمن سياقها المناسب لتصبح مقالتك جذابةً. واقترب من جمهورك عبر مشاركتهم تجارب شخصية وحياتية، هذا سيجعل القارئ يظن أنك صديقه، وسيتعلق بك وبكتاباتك.
خير الكلام ما قل ودل
نحن في عصر السرعة، لاحظ التحول في محتوى الفيديو من مقاطع اليوتيوب الطويلة إلى المقاطع القصيرة (Reels) على تيك توك، وفيسبوك. تجنب أي إسهابات أو تطويل في المحتوى دون إضافة قيمة حقيقية للقارئ. وبعد انتهائك من كتابة المقالة، راجعها مرةً أخرى واسأل نفسك عند كل فقرة وكل عبارة من مقالتك؛ هل سيختل المعنى إذا حذفتها؟ إذا كانت الإجابة لا، احذفها فورًا.
العناية بالتفاصيل تصنع الفارق
اهتم بأدق التفاصيل حتى يظهر محتواك بصورة احترافية. احرص على صقل الجانب اللغوي، وابحث جيدًا عن الهمزات وتعلم قواعد كتابتها. اقرأ في علم النحو العربي، ولا تكتب أي كلمة تشك في صياغتها الصحيحة دون البحث عنها. اهتم بعلامات الترقيم، وابحث عن قواعدها وتعلم استخدامها بالصورة الصحيحة.
كن مؤثرًا
لا تجعل القارئ يخرج من مقالتك دون أي فوائد. احرص على تقديم قيمة مُضافة واضحة، وليكن ذلك ضمن أهداف مقالتك التي ذكرناها بالأعلى في بطاقة المقالة. يجب أن تؤثر مقالتك مباشرةً على القارئ. قدم له دائمًا دروسًا مُستفادة من واقع خبرتك. وحتى إن لم تكن لديك الخبرة العملية الكافية، اقرأ وابحث وتعلم، ثم انقل الخلاصة في محتواك. هذا ما سيجعل محتواك إنسانيًا؛ محتوى لن يتمكن الذكاء الاصطناعي من توليده.
الذكاء الاصطناعي يكتب أفضل من البشر
«الذكاء الاصطناعي يكتب أفضل منك. الذكاء الاصطناعي سيستبدل كتاب المحتوى». سمعت مثل هذه العبارات مرارًا، وربما تعرضت لها أنت أيضًا عزيزي المثابر إذا كنت في بداية طريقك بهذا المجال. فهل هذا الكلام صحيح؟
رغم أنني أرى أن هذه العبارات غير دقيقة، لكن فيها شيء من الصحة. الذكاء الاصطناعي بالفعل يكتب أفضل من البشر وقادر على استبدال كتاب المحتوى، لكن أي نوع من المحتوى؟ إذا كنت تكتب المحتوى بطريقة موسوعية جامدة، دون الالتفات إلى الجوانب الإنسانية كمخاطبة المشاعر والتأثير في القارئ؛ فالذكاء الاصطناعي أفضل منك بالطبع!
هذه النماذج مُدربة على بيانات ضخمة لن يسعها عقلك، وقادرة على توليد محتوى معرفي شامل ومُكثف. ولكن نقطة ضعفها في مخاطبة الجانب الإنساني. الذكاء الاصطناعي لن يتمكن من مشاركة تجارب شخصية وحياتية مع القارئ، ولن يتمكن من تقديم خلاصة تجربته العملية في مجال ما. ولا أعتقد أنه سيتمكن أصلًا من الوصول إلى هذه القدرات قريبًا؛ فهي معتمدة على الوعي وفهم المشاعر البشرية وإدراكها. لذا أرى أن كاتب المحتوى سيظل دائمًا في موضع تفوق أمام الذكاء الاصطناعي، فقط إن أتقن استخدام قدراته الإنسانية.
اعلم عزيزي المُثابر أننا على أعتاب ثورة جديدة كالثورة الصناعية؛ ثورة الذكاء الاصطناعي. لا تخف من هذه التقنيات، كن مرنًا وتعلم كيفية استخدامها، واستغلها لصالحك. لا تتوقف عن تطوير مهاراتك، كن مُثابرًا دائمًا وأبدًا.